( رحلة نفسية لا يراها أحد) في حياة المراة
الجمعة ٢٨ - نوفمبر - ٢٠٢٥
بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان
تمرّ المرأة خلال حياتها برحلة هرمونية معقدة، تبدو للآخرين كأنها موجات صعود وهبوط في المزاج، لكنها في الحقيقة مجموعة تغييرات طبيعية تؤثر في المشاعر والتفكير والطاقة وحتى طريقة تفاعلها مع الناس. ورغم إن الموضوع شائع، إلا إن قليل جدًا اللي يفهم أبعاده النفسية بعمق. في المقال ده هنتكلم ببساطة عن التغيّرات الهرمونية وتأثيرها على نفسية المرأة في مراحل حياتها المختلفة، بأسلوب جديد وواضح ومحدش كتبه قبل كده.
أولًا: الهرمونات… لغة الجسم اللي محدش بيسمعها
الهرمونات مش مجرد مواد كيميائية بتتحرك في الدم، هي في الحقيقة رسائل دقيقة بتقول للجسم يعمل إيه، يهدأ ولا ينفعل، يرتاح ولا يجهد، يفرح ولا يقلق.
وأكتر حاجة بتتأثر بيها المرأة نفسيًا هي: الإستروجين – البروجستيرون – التستوستيرون بنسب بسيطة.
تغيير بسيط في نسبة أي منهم ممكن يخلي يوم كامل شكله مختلف:
يوم طاقة… ويوم دموع… ويوم ملل… ويوم ضحك بلا سبب.
ثانيًا: مرحلة المراهقة… أول صدمة هرمونية
في سن المراهقة تبدأ الهرمونات تتحرك بقوة، وده بيخلي البنت تحس بمشاعر متناقضة جدًا:
ثقة فجأة، وبعدها بدقائق إحساس بالضعف.
رغبة في العزلة، وبعدها احتياج قوي للحب والاهتمام.
سرعة غضب… وسرعة بكاء.
وده مش “دلع” زي ما بعض الناس بتقول، ده دماغ بيحاول يتأقلم مع التغيرات الهائلة اللي بتحصل في وقت قصير جدًا.
ثالثًا: الدورة الشهرية… صوت داخلي مش مفهوم
قبل وخلال الدورة، البروجستيرون والإستروجين بينخفضوا وده بيعمل “هبوط نفسي” مؤقت.
تلاحظ المرأة:
حساسية أعلى للكلام.
قلق بدون سبب واضح.
رغبة في النوم أو فقدان للطاقة.
انفعال زائد.
اللي حواليها يشوفوا “تقلب مزاج”، لكن الحقيقة إنها محاولة من الجسم لإعادة التوازن.
رابعًا: الحمل… المعجزة اللي بتعلّم النفسية الصبر
الحمل من أقوى المراحل الهرمونية في حياة المرأة، وبيغير كل حاجة:
إحساس عميق بالمسؤولية.
قلق دائم على الجنين.
خوف من التغيرات الجسدية.
مشاعر فرح وارتباط قوي بالطفل.
وفي نفس الوقت ممكن تظهر مشاعر اكتئاب أو عزلة بسبب عدم استقرار الهرمونات، وده طبيعي جدًا ومش ضعف.
خامسًا: بعد الولادة… هرمونات تهبط بسرعة والمشاعر تتلخبط
بعد الولادة مباشرة، الهرمونات بتنزل بشكل سريع جدًا، وده اللي بيعمل:
دموع بدون سبب.
إحساس بالتوتر.
خوف من المسؤولية.
رغبة في الراحة والهروب من الضوضاء.
بعض النساء بيمرّوا بحاجة اسمها “اكتئاب ما بعد الولادة”، وهو محتاج دعم مش لوم.
سادسًا: سن الأربعين… بداية مرحلة الحكمة والارتباك
في بداية الأربعينات، الهرمونات تبدأ تقل تدريجيًا، وده يسبب:
نوبات قلق غير مفهومة.
اضطراب نوم.
إحساس بأن كل شيء يتغيّر.
رغبة في تقييم الحياة والبحث عن معنى جديد.
لكن في نفس الوقت، بيزيد النضج النفسي وتفهم المرأة لنفسها أكتر من أي وقت فات.
سابعًا: سن اليأس… نهاية مرحلة وبداية حياة جديدة
مع توقف الدورة الشهرية، الهرمونات بتستقر على مستوى جديد منخفض، وده يخلق:
تقلب مزاج.
إحساس سخونة أو توتر مفاجئ.
حساسية للنقد.
لحظات شك في النفس.
لكن الجميل إن أغلب النساء في المرحلة دي بيكتشفوا هدوء داخلي ونضج يخليهم أقوى.
ثامنًا: كيف تحافظ المرأة على توازنها النفسي رغم كل ده؟
1. النوم الكافي… لأنه يعيد ضبط الهرمونات.
2. المشي والحركة يوميًا حتى لو 10 دقائق.
3. التعبير عن المشاعر بدل كتمانها.
4. الغذاء المتوازن خصوصًا الحديد والكالسيوم وأوميجا 3.
5. الدعم الأسري والعاطفي… الكلام الحلو بيفرق أكتر مما الناس تتخيل.
6. الوعي الذاتي… إنها تفهم اللي بيحصل بدل ما تلوم نفسها.
وأخيرًا…
المرأة مش متقلبة، هي فقط “طبيعية”
التغيرات الهرمونية مش نقطة ضعف، بالعكس… هي جزء من حكمة خلق المرأة وقدرتها على التحمل والاحتواء.
ولو كل شخص حواليها فهم إن مشاعرها جزء من منظومة بيولوجية ونفسية دقيقة، وقتها هيكون التعامل أسهل، والحياة أهدى، والتفاهم أعمق.


