الخميس ٢٥ - ديسمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
04:20:12pm

إدمان الأطفال للهواتف المحمولة والإنترنت: خطر صامت يدخل كل بيت

الإثنين ٢٤ - نوفمبر - ٢٠٢٥

 بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان

 لم يعد الهاتف المحمول مجرد وسيلة اتصال… بل أصبح ضيفًا دائمًا في يد الطفل، يدخل غرفته، يجلس معه على سفرة الطعام، ويصحبه قبل النوم. ومع الوقت، بدأت تظهر مشكلة جديدة في بيوتنا: إدمان الأطفال للهواتف والإنترنت. المشكلة تبدو بسيطة في البداية، لكنها تتحول تدريجيًا إلى سلوك يومي يسيطر على الطفل، ويفصلُه عن عالمه الحقيقي.

كيف يبدأ الإدمان؟ رحلة بسيطة تتحول لعادة قوية

الإدمان لا يبدأ بقرار… بل يبدأ بـ “دقائق قليلة”.
الأم تعطي طفلها الهاتف عشان تسكته شوية، أو الأب يتركه يلعب لعبة بسيطة أثناء انشغاله.
لكن الطفل يكتشف عالمًا مليئًا بالألوان والاصوات والمكافآت السريعة، فيبدأ عقله يتعلق بالشاشة.
ومع الوقت، يتحول الفضول لعادة، والعادة لإدمان.

علامات تدل إن طفلك أصبح مدمن هاتف

هناك إشارات واضحة تظهر على الطفل، أهمها:

1. الغضب عند أخذ الهاتف

الطفل المدمن يفقد أعصابه بسرعة لو حد حاول يبعده عن الجهاز.
قد يبكي، أو يصرخ، أو يرفض الكلام مع الآخرين.

2. الانغلاق على نفسه

تلاقيه طول اليوم معزول، مش بيشارك الأسرة في الحوار، ومش مهتم يلعب ألعاب حقيقية مع أصحابه.

3. ضعف التركيز

زيادة الشاشة بتتعب دماغ الطفل، فتقل القدرة على التركيز، ويزيد التشتت في المدرسة.

4. اضطراب النوم

قبل النوم يستخدم الهاتف، فينشط مخه وينام بصعوبة، أو يصحى مرهق ومش قادر يركز.

5. تجاهل الأنشطة الطبيعية

ابتعد عن الرسم، اللعب، الخيال، وطول الوقت عايز الموبايل.

التأثير النفسي… الطفل يعيش في عالم يقعله

الإفراط في استخدام الإنترنت مش مجرد وقت ضايع، لكنه بيأثر على نفسية الطفل:

القلق والتوتر: خصوصًا لو بيتابع مقاطع سريعة أو ألعاب عنيفة.

فقدان الثقة بالنفس: بسبب المقارنات المستمرة بمؤثرين وأطفال بيظهروا حياة “مثالية”.

التشتت وفرط الحركة: لأن الدماغ يعتاد على الإيقاع السريع للمحتوى.

ضعف العلاقات الاجتماعية: مايعرفش يتكلم أو يتفاعل مع الناس بشكل طبيعي.


التأثير الجسدي… جسم صغير يتحمل حمل كبير

آلام في الرقبة والظهر.

ضعف النظر بسبب الإضاءة القوية.

قلة الحركة وبالتالي زيادة الوزن.

إرهاق عام وعدم نشاط.


ليه الطفل بيتعلق بالموبايل؟

الأطفال بطبعهم بيحبوا المتعة السريعة، والهاتف بيقدم لهم:

ألعاب مكافآتها لحظية.

فيديوهات قصيرة مش بتخلّي الطفل يزهق.

عالم بيشعره إنه مهم… كل ضغطة تعطيه إحساس بالإنجاز.

مكان يهرب له لما يكون زعلان أو زهقان.

باختصار: الهاتف بيخلي الطفل يحس إنه بطل في عالم سهل، على عكس الحياة الحقيقية اللي محتاجة مجهود وصبر.

إزاي نواجه الإدمان بدون صدام؟

مش الحل إننا ناخد الهاتف فجأة… لكن الحل يكون تدريجي وهادئ:

1. وضع “مواعيد للشاشة”

مثلاً: ساعة واحدة بعد المذاكرة، أو وقت محدد قبل المغرب.
لما يكون فيه نظام، الطفل يحس بالأمان.

2. تقديم بدائل ممتعة

مش هينفع نقول له “ابعد عن الموبايل” ونسيبه.
لازم نقدم بدائل مثل:

ألعاب تركيب

رسم

رياضة

قراءة قصص

الطهي مع الأم

أنشطة جماعية


3. مشاركة الطفل في استخدام الهاتف

بدل ما يختار محتوى بنفسه…
اقعدي معاه، شوفي هو بيشاهد إيه، ووجهيه بهدوء.

4. إبعاد الهاتف عن غرفة النوم

الغرفة مكان للنوم مش للإنترنت.

5. خلق روتين يومي ثابت

الطفل اللي عنده جدول يومي واضح، يقل احتمال تعلقه بالموبايل.

6. القدوة أهم من الكلام

لو الأم أو الأب طول الوقت على الموبايل… الطفل هيقلد.
قلل استخدامك قدامه، وهو هيتغير لوحده.

التوازن هو السر

مش المطلوب نحرم الطفل من التكنولوجيا…
لكن المطلوب نعلّمه يستخدمها بذكاء، وياخد منها اللي يفيده مش اللي يتحكم فيه.

في النهاية*

إدمان الأطفال للهواتف والإنترنت مش مشكلة “جيل جديد”، لكنها مشكلة بيت، وتربية، ووعي.
لما نساعد الطفل يعيش عالم واقعي مليان حب واهتمام وأنشطة جميلة… وقتها الإنترنت هيبقى مجرد جزء صغير من يومه، مش محور حياته.



موضوعات مشابهه