الأحد ٠٩ - نوفمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
01:32:22pm

إدمان العلاقات السامة… لما القلب يتعلق بالوجع

الأحد ٠٩ - نوفمبر - ٢٠٢٥

بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان

في ناس بتدخل علاقات تبني فيهم وتكبرهم، وفي ناس تدخل علاقات تستهلكهم وتكسر جواهم حاجات محدش شايفها. العلاقات السامة مش مجرد خلافات أو اختلاف طباع، هي علاقة بتسحب طاقتك وحدة ورا وحدة لحد ما تلاقي نفسك بتعافر علشان تفضل واقف. ورغم كل الألم، تلاقيك لسه مكمل، وكأنك مش قادر تطلع. الظاهرة دي اسمها إدمان العلاقات السامة.

العلاقة السامة بتبدأ ببداية جميلة. اهتمام، كلام حلو، شعور إنك مهمة. فجأة الدنيا تتقلب. نفس الشخص اللي كان بيدّيك طاقة وأمان، هو اللي بيبقى مصدر القلق والتوتر. ومع كل تقلب، دماغك يتشبّع بمزيج غريب من الحب والوجع، وتلاقي نفسك بتتعلق أكتر بدل ما تبتعد.

اللي يصعب الموضوع إن الشخص الطيب غالبًا مش بيستسلم بسهولة. عنده أمل. يقول يمكن يتغير، يمكن الظروف تتحسن، يمكن الحب ينتصر. ومع كل “يمكن” بتتسحب خطوة لجوه العلاقة من غير ما تحسي، لحد ما تبقي معلقة مابين شخص بتحبيه وشعور داخلي بيصرخ “دي مش حياة”.

إدمان العلاقات السامة مش ضعف، هو نتيجة تداخل مشاعر وتاريخ وتجارب. ساعات يكون وراك جرح قديم، خوف من الوحدة، أو رغبة إنك تثبتي لنفسك إنك تستاهلي تُحَبي. وساعات يكون الشخص التاني بيعرف يمسك نقطة ضعفك ويستخدمها علشان يفضل مسيطر.

أعقد لحظة في العلاقة دي هي لحظة الوعي. لما تستيقظي فجأة على حقيقة إن العلاقة دي مش أمان… إنك بقيتي بتنامي بقلب مقبوض، وتصحّي على انتظار كلمة ترضيك، وتعيشي اليوم كله بتتجنبي غضبه أو زعله. وتبدأي تسألي نفسك السؤال الصريح:
"ليه مكملة؟"

الإجابة ببساطة إن الدماغ بيتعود على التقلبات دي، وبيعتبرها دورة لازم تكتمل. وللأسف تلاقي نفسك بتجري ورا لحظات الاهتمام القليلة، كأنك بتجري ورا جرعة أمان مش موجودة. وكل ما العلاقة تكسر جزء فيك، تحاولي تصلحيه بالصبر… رغم إن اللي بيكسر مش هو اللي بيصلّح.

التحرر من العلاقة السامة مش خطوة واحدة. هو رحلة. رحلة ترجع فيها تركيزك لنفسك بعد ما كنتي حطاها في الآخر. أول خطوة إنك تعترفي إن العلاقة دي بتوجع أكتر ما بتسعد. الاعتراف ده مش ضعف، ده قوة. بعد كده تقليل التواصل بشكل تدريجي، لأن القطع المفاجئ أوقات بيكون أصعب على النفس وبيخليكي ترجعي تاني.

شغلي يومك بحاجات ترجعلك قيمتك. رياضة بسيطة. شغل تحبيه. هدف صغير يومي. ناس بتحبك بصدق. كل ده بيبنيك خطوة خطوة. ومع كل يوم هتلاقي صوتك الداخلي بيقوى، وشعورك بنفسك بيرجع، وقدرتك على الرفض بتزيد.

أقسى حاجة في العلاقات السامة إنك تخرجي منها وإنتي حاسة إنك خسرتي جزء منك. بس الحقيقة إنك بتسترديه مش بتخسريه. الطلعة من علاقة مؤذية مش نهاية، هي بداية عقل جديد، وقلب أهدى، وحدود واضحة.

وفي يوم هتبصي ورا وتستغربي إزاي كنتي مستحملة كل ده، وهتحسي إن النفس اللي رجعتلك أهم وأغلى من أي علاقة.

في الآخر، العلاقة الصحية عمرها ما تكون صراع دائم. العلاقة اللي تحافظي عليها لازم تكون بتكبرك مش بتكسرك. ووقت ما تحسي إن الحب بقى وجع، اعرفي إن الخروج مش خسارة… الخروج إنقاذ.



موضوعات مشابهه