الجمعة ١٢ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
10:52:29am

خطابات بلينكن تدين بلينكن.. كيف فضحت مؤتمرات وزير خارجية أمريكا حقيقة الدعم المفتوح لتل أبيب

الثلاثاء ٠٨ - أكتوبر - ٢٠٢٥

محللون سياسيون: الرؤية الإسرائيلية خالفت استراتيجية أمريكا فكان الخطاب الأخير

ما دامت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة، فستظل تدافع عن إسرائيل  بتلك العبارة الصادمة

لم يجد وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن حرجًا فى إظهار مدى الدعم الذي توجهه بلاده لتل أبيب

معتبرا أن إسرائيل ليس لها الحق فحسب في الدفاع عن نفسها بل وملتزمة بذلك

 

كانت رسالة بلينكن صريحة، وأشعلت شرارة الحرب فى غزة، بعد أن أعطى تل أبيب الضوء الأخضر

لارتكاب ما تريده من مجازر بحق الفلسطينيين فى الحرب الدائرة بالقطاع المحاصر منذ السابع من أكتوبر الماضى

وتسبب فى إبادة للأطفال وموجة تهجير واسعة للفلسطينيين

 

عبر تحليل بيانات بلينكن الرسمية بداية من السابع من أكتوبر، كيف أن أمريكا دفعت إسرائيل

ودعمتها في مخالفة القانون الإنساني والدولي، ليس فقط بالدعم العسكرى

ولكن بمؤازرتها علانية، ودعم حقها فى حمل السلاح وقتل كل حياة بغزة، فهو من صاح علانية

تهمة الإبادة الجماعية لإسرائيل لا أساس لها من الصحة، وإسرائيل كان لابد لها أن تغزو غزة

وندافع عن حقها حتى لا يتكرر لها ما حدث في السابع من أكتوبر

 

وفى كل بياناته، حرص أنطونى بلينكن على إظهار صلة الرحم الدينية والسياسية التى تربطه بإسرائيل

والتي أعلنها صراحة في اجتماعات وبيانات رسمية وخطابات صحفية وتلفزيونية

وخلال زيارته لنحو 13 دولة عربية وأجنبية لمناقشة الأزمة الفلسطينية

 

وفى هذا التحقيق المدعوم بالبيانات نرصد كيف أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية من

خلال 70 بيانًا صحفيًا أطلقهم وزير خارجيتها أنطوني بلينكن، بدءًا من السابع من أكتوبر2023

وحتى الجولة العاشرة بمنطقة الشرق الأوسط، أن ليس لإسرائيل صديق وحليف أفضل من الولايات المتحدة

في جميع أنحاء العالم، وأعطتها الضوء الأخضر لبدء الحرب على غزة

 

فبعد يوم واحد من عملية طوفان الأقصى، هرع بلينكن لنجدة إسرائيل، وذهب إلى منزلهم

وقال متضامنًا: "أنا يهودى"، ليفتح الباب بهذه الجملة أمام الرأي العام العالمي لوضعه في

خانة "الأب الروحى" لإسرائيل، فلا رواية تناقش إلا الرواية الإسرائيلية، ولا صورًا تصدق

غير "فبركات" أفيخاى أدرعي، ولا شعار يعلو فوق شعاره الملتزم به في خطاباته الصحفية

 

والذى يقول فيه: "إسرائيل ليس لها الحق فحسب في الدفاع عن نفسها، بل عليها الالتزام بذلك"، لتتحول بعدها

إسرائيل إلى ثور هائج ينتقم بلا منطق أو إنسانية، وهو يدرك جيدًا أن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية

 

وأكدت البيانات رفقة جولاته، عدم تنازل أمريكا، عن حق "ولاد العم" مستميتًا في الدفاع عن حق إسرائيل

عن نفسها، بل وعلى العكس ملتزمًا معها بهذا الحق، متجاهلًا معاناة الملايين من الشعب المحتل في البداية

ففى الجولة الأولى أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لبدء الحرب دون تهاون معلنًا دعمًا عسكريًا غير مسبوق

بل والحديث مع الكونجرس لزيادة هذا الدعم وتلبية كل احتياجات نتنياهو ، بعد تشكيل حكومة الحرب.. وحين وصل

الغضب العالمى إلى ساحة محكمة العدل الدولية، توجه بلينكن في جولته الرابعة إلى تركيا والأردن وقطر

والإمارات والسعودية، وبالتأكيد تل أبيب، وتحدث نيابة عن حكومة الاحتلال، وبرر لنتنياهو ما ارتكبه من مجازر

وحشد الجهود الدبلوماسية والدولية لتخفيف انتقام اغتيال أحد قادة حماس وحزب الله

 

وفى فبراير، كان الحديث منحصرًا فقط على المحتجزين في غزة دون اكتراث بمقتل الآلاف من الشهداء الفلسطينيين

معظمهم من الأطفال، ليبدأ جولة سادسة من القاهرة في مارس 2024، متحدثأ هذه المرة عن المساعدات الإنسانية

التي لا يكفى ما يدخل منها ملئ فم العشرات من الملايين المحاصرين، دون أن يطالب إسرائيل

بوقف هذه الإبادة الجماعية الموضوعة على رأس الأجندة الإسرائيلية

 

ومرة ثامنة بدأت الجولة من مدينة القاهرة، في العاشر من يونيو، قبل أن ينتقل إلى قطر والأردن

وكالعادة تل أبيب، ولكن هذه المرة لدعوة الحكومات للضغط على حماس، رغم الهجوم المتواصل على غزة

ومقتل المئات في مخيم النصيرات، وألقى بالكرة في ملعب حماس، إذا كانت حقًا تعمل من

أجل الشعب الفلسطيني ـ علي حد قوله ـ ولا تلقى به كدروع بشرية في وجه الدبابات

 

وأخيرًا جاء ما سمى الخطاب الأخير في زيارته التاسعة إلى منطقة الشرق الأوسط فى التاسع عشر من أغسطس

بعد أن أنهكت الحرب تل أبيب واستنزفت واشنطن ، للدفع قدمًا نحو إبرام صفقة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

بعد أن وصل شهداء وجرحى الاحتلال نحو 140 ألفاً، وبعد أن طال الدمار معظم بيوت ومساكن غزة

ورغم التغيير في لغة الخطاب عن اليوم الأول لعدة عوامل، جاء خطاب الفرصة الأخيرة

محبطًا ومخيبًا لآمال الكثير، فبديلًا عن الضغط على نتنياهو لقبول مقترح جو بايدن

 

ألقى بلينكن الاتهام على حماس، بل وإذا كانت حقًا تكترث لحياة الفلسطينيين بالقطاع المحاصر

فعليها الرضوخ والاستجابة

 

وحذر بلينكن من ضياع الفرصة لأخيرة ما لم يتم التوصل لاتفاق تهدئة وهدنة بين الطرفين

ومع ذلك فإن بلينكن لا يخفي أنه بالفعل أحد الطرفين، باعتبار انحيازه المستمر لإسرائيل التي يبرر أفعالها دائمًا

وكان واضحًا في كل إجابات بلينكن على أسئلة الصحفيين، تعلقه بضرورة منع توسع الصراع

والذى يبدو وكأن خيوطه فلتت من بين يديه، مؤكدًا أن ذلك قد يؤدى إلى اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق

 

وأعلن بلينكن في خطابه الأخير، عدم قدرة الولايات المتحدة، على الوصول إلى حل في مفاوضات

لوقف إطلاق النار، بسبب انعدام الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف، لكنه في نفس الوقت

أشار إلى سلامة نية المحتل والذى أعلن تفكيك قواته في رفح الفلسطينية، بعد أن ثبت أن حماس ليست في

وضع يسمح لها بتكرار هجمات 7 أكتوبر

 

بيانات بلينكن كانت محور حديث مع الأستاذ حسن المومنى الدكتور في العلاقات الدولية

ورفض النزاعات بالجامعة الأردنية، الذي تطرق إلى تعامل وزير الخارجية الأمريكي

منذ اللحظة الأولى وفقًا لخلفيته الشخصية والسياسية، فهو يمثل جزءًا من مؤسسة ملتزمة

بتوجهات إدارة ومراكز القوى في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان رد فعله في خطاباته الأولى

أشبه ما يكون برد فعل أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر، واكتفاء بالتلويح بالرواية الإسرائيلية

مؤكدا بذلك على قرار الإدارة الأمريكية بتصنيف حماس جماعة إرهابية، وهو ما ذكره في 46 بيانًا له

 

وأضاف المومنى: لكن بلينكن وإدارة جو بايدن، لم يحسبوا الاضطرابات والخسائر التى تنتج عن

انتشار الصراع، خاصة مع الضربات الانتقامية لمقتل قادة حماس وحزب الله، وهجمات الحوثيين

على سفن البحر الأحمر، واتخاذ الدول العربية وبعض الدول الأوروبية مواقف تخشى أمريكا فيها أن يسحب

بساط القوى من تحت أقدامها، بعد أن ظهرت علانية وهى تتورط فى قتل الأبرياء فى غزة

فقررت لعب دور الوساطة، ومارست بعض الضغوط من أجل إحداث تأثير يهدئ من بشاعة الوضع

المأساوى في غزة وتدهور الأزمة الإنسانية 

 

وتدريجيًا ومع شراسة الجانب الإسرائيلي والاشتباك الإقليمي العربى مع الإدارة الأمريكية

ومع الخوف من احتمالات عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الواجهة

بعد الانتخابات المرتقبة في نوفمبر، بات التحول في الخطاب واضحًا، وإن كان باطنه

يخالف ظاهره، وصار من مصلحة الإدارة الأمريكية إنهاء الحرب، وبدا بلينكن متعطشا لإنهاء الاتفاق

 

رغم مواقف عديدة مرت بها القضية الفلسطينية، سواء قصف مستشفى المعمدانى أو تفجير مخيم النصيرات

واغتيال إسماعيل هنية، لم يخرج بلينكن ببيان صحفى، واكتفى في بعض الأوقات بالتغريد على تويت

وهنا قال الدكتور حسن المومنى: إن الأمر متعلق فقط بلعبة توزيع الأدوار

 

وأشار الدكتور المومني إن الخطاب الأمريكي تجاه إسرائيل قد تغير إلى حد ما

وإن كان الأمر يشبه في حد ذاته عتاب الأب لابنه، بعدما ظهر للعالم كله أن أمريكا أصبحت جزء من

المشكلة لا الحل، بعد تصريحاتها المستمرة والتأكيد على أن إسرائيل لها حق الدفاع عن نفسها

وأنها تتلقى المساعدة العسكرية وكل ما تحتاجه منها، وبعد ردة الفعل الإسرائيلية الغير مناسبة

والثمن الإنساني، الذى أحرج أمريكا أمام العالم

 

وظهر ذلك فى 21 بيانًا من أصل السبعين بيانًا صحفيًا على لسان بلينكن

 

وأشار عطا الله إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد تقارير منتقدة لسياستها الدولية 

والإشارة إليها بأصابع الاتهام بالتورط في الحرب، وحتى لا تتضرر الصورة

الخارجية للدولة العظمى، وبعد تحرك الجاليات العرب في دول العالم، نصبت نفسها بدور الوسيط

 وسحبت البساط من تحت أقدام الأوروبيين، واستعانت بدول عربية لها دور مؤثر في المنطقة

 

وأكد عطا الله أن الولايات المتحدة الأمريكية في البداية كانت تعتبر أن رؤيتها تتوافق مع

الرؤية الإسرائيلية وهو ما أثبت نتنياهو عكسه مع مرور الأحداث، ولكن بعد فوات الأوان

حيث توغل بلينكن في تحقيق خطوات مشروعه السياسيى بمعزل عن الولايات المتحدة

 

وأنهى عطا الله حديثه قائلًا : لا أحد في فلسطين يثق في وساطة أمريكا، لا السلطة الفلسطينية

ولا المواطن ولا حركة حماس



موضوعات مشابهه