ذات يوم 26 سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 26 يونيو 1906 ..إبراهيم الهلباوى يترافع ضد الفلاحين

الأربعاء ٢٦ - يونيو - ٢٠٢٥
كانت الساعة الثامنة والدقيقة 20 من صباح 26 كانت الساعة الثامنة والدقيقة 20 من صباح 26 يونيو، مثل هذا اليوم، 1906
حين واصلت المحكمة المخصوصة للمتهمين فى حادثة
وقعت الحادثة يوم 13 يونيو 1906، وحسب عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية»، فإن خمسة ضباط
من إنجليز كانوا يصطادون الحمام فى قرية دنشواى بمحافظة المنوفية، وصوب ضابط بندقيته
على الحمام فى جرن به قمح مملوك لمحمد عبدالنبى مؤذن القرية، وكان يشتغل به أخوه عبدالنبى
وطلب شيخ طاعن فى السن اسمه حسن على محفوظ من الضابط الكف عن إطلاق البندقية وإلا احترق الجرن الذى يقع أمام داره
لكن الضابط لم يعبأ فأخطأ المرمى، وأصاب امرأة تدعى أم محمد زوجة عبدالنبى المؤذن
اشتعل الأهالى غضبا، وتطورت الأحداث فأصيب شيخ الخفر وأصيب الماجور «بين كوفين» بكسر فى ذراعه
وجرح الملازمان «سميث ويك» و«بورثو» بجروح خفيفة، وترك مكان الواقعة «الكابتن بول» وطبيب بيطرى إنجليزى
وأصيب الأول إصابة فى رأسه، وأخذ يعدو ثمانية كيلومترا فى حرارة القيظ، وفور وصوله إلى سوق «سرسنا» سقط من الإعياء ومات متأثرا بضربة شمس
ثارت ثائرة الاحتلال الإنجليزى، وقبض على 52 ثارت ثائرة الاحتلال الإنجليزى، وقبض على 52 متهما، ويذكر «الرافعى» أنه فى 20 يونيو 1906
تألفت محكمة مخصوصة برئاسة بطرس باشا غالى لمحاكمة المتهمين ومعه ثلاثة إنجليز، وأحمد فتحى زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية
وأوكلت الحكومة إبراهيم الهلباوى القيام بوظيفة النائب العمومى فى القضية
التى بدأت أولى جلساتها يوم 24 يونيو 1906
بدأ «الهلباوى» مرافعاته يوم 25 يونيو، واستمرت فى اليوم الثانى، 26 يونيو، وحسب نصها المنشور فى مجلة المجلات العربية
بعددها الخاص عن هذه المأساة، الصادر فى أول فبراير 1908، فإن «الهلباوى» لم يتورع فى وصف فلاحى دنشواى بأحط الأوصاف
فى مقابل وصفه للاحتلال الإنجليزى بأعظمه، قال عن المتهمين: سجاياهم تقبل كل جريمة
وقال عن الضباط الإنجليز: «سلكوا فى عملهم طريق الآداب واللياقة»، واستمرت مرافعته أربع ساعات
يصفها صلاح عيسى فى كتابه «حكايات من دفتر الوطن» قائلا: «كانت مرافعة عن الاحتلال ضد وطنه
وعن الصائدين ضد ضحاياهم، ولم يخطئ مرة واحدة، أثناء مرافعته الطويلة فيلتمس عذرا للبؤساء من أهل دنشواى، فيما لم يفعلوه، فالقضية
كما صورتها مرافعته، هى صراخ بين ضباط خيرين طيبين شجعان، وبين فريق من الهمج المتوحشين
بعد أن تحدث «الهلباوى» بكل هذا السوء عن فلاحى دنشواى، تحدث عن مكارم أخلاق الضباط الإنجليز وامتدح سلوكهم، وأثنى على خطتهم
ثم قال: إن القانون الألمانى يعتبر الضابط مخالفا لواجباته إذا ترك غيره يعتدى عليه ويتسلم سلاحه
ولكن الضباط الإنجليز لم يقبلوا أن يدافعوا عن حياتهم، وكان فى إمكانهم ذلك، نسوا أنفسهم ونسوا واجباتهم، وعرفوا أن واجب الفضيلة أسمى وأعلى
اختتم «الهلباوى» مرافعته بنداء وجهه إلى المحكمة
بأن «تحكم بما تشاء»، لافتا إلى أن «القانون الفرنساوى يعاقب على جريمة المتهمين بالإعدام، والقانون الإنجليزى يعاقب بالإعدام ولا يشترط الإصرار
ولكم أن تحكموا بما تشاؤون لأنكم غير مقيدين بقانون، فاسمحوا لى أن أقول إننا فى بلد إسلامى
ولنا أن نطلب معاقبة المتهمين طبقا للشريعة الإسلامية، ففى «تبين الحقائق» فى شرح «الزينى» أن
القتل العمد يعاقب عليه بالقتل عملا بنص القرآن الشريف «كتب عليكم القصاص»، حتى لو كان القتل بقشرة قصب
وإن قررتم أنه إذا لم يتوفر الإصرار فلكم أن تطبقوا القانون الإنجليزى الذى لا يشترط الإصرار، ولكم أن تنظروا فى مصلحة الأمن العام الذى تركها المشرع أمانة بين أيديكم