الأحد ١٤ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
11:45:50pm

رفح تنزف… وسماءُ الرحمة تفتح أبوابها لشهداء الانتظار

الأحد ٠١ - يونيو - ٢٠٢٥

بقلم: د. فريد شوقي المنزلاوي

في لحظةٍ كان الأطفالُ فيها يعدّون الثواني بشغف، ينتظرون والدهم ليعود ببعض الطحين، ببعض الحليب، بما يسدّ جوع أيامهم… عاد إليهم، لكن هذه المرة لم يكن يحمل طعامًا، بل عاد ملفوفًا في كفن أبيض، أبيض كقلبه، وبارد كضمير العالم الذي صمت على هذه المجازر.

يا لها من لحظة!
ذهب الأهالي في رفح ليستلموا مساعدات إنسانية من شاحنات ترعاها الولايات المتحدة… فما كان من آلة البطش الصهيونية إلا أن أطلقت عليهم النار من على ظهر الدبابات!
نعم، أطلقوا النار على الجياع… لا على المقاتلين، لا على المسلحين… بل على المدنيين، على الآباء، على الأطفال، على النساء، على من أرادوا فقط أن يعيشوا.

يا الله… أيُّ قسوةٍ هذه؟!

إنها مجزرة مكتملة الأركان، فصلٌ جديد من فصول الإبادة الصهيونية، والضمير العالمي لا يزال نائمًا أو متواطئًا، عاجزًا أو متآمرًا، يصمّ أذنيه عن صرخات الأمهات، ويغمض عينيه عن أكفان الأطفال.

لكن… وسط هذا الحزن العارم، لا نقول إلا ما يرضي ربنا:

“وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”
هؤلاء الأطفال، هؤلاء الشهداء، في مكانٍ أفضل… في دارٍ لا جوع فيها ولا خوف، حيث العدل الإلهي لا يضيع دمًا ولا صبرًا.

وكذلك يقول الإنجيل:

“طوبى للحزانى، لأنهم سيتعزون” [متى 5: 4]
نعم، سيتعزى قلب كل أم فقدت ابنها، وسينتقم الله لكل قطرة دم سالت ظلمًا.

فماذا نفعل؟ ما دورنا؟

قد يعجز الجسد عن الوصول، لكن الروح لا تُقيد، والدعاء لا يعرف حدودًا ولا معابر، ولا يُعترض في حاجز.

“لا يردّ القضاء إلا الدعاء” – حديث شريف
ادعوا لهم في كل سجدة، قبل الإفطار، في جوف الليل، وقت السَحر…
ارفعوا الأكفّ وتوسلوا لمن لا يُعجزه شيء أن يرفع الكرب، أن يبدّل الخوف أمنًا، والجوع شبعًا، والحزن فرحًا.

الدعاء ليس سلاح الضعفاء، بل سلاح المؤمنين الأقوياء.

أحبابي… لا تفقدوا الأمل

قد تظنون أن المأساة طغت، لكن تذكّروا دومًا:

“إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”
ونحن أمةٌ لا تموت، لأنها ترتكز على وعد الله،
“وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”

ثقوا أن يوم النصر قريب، قريب جدًا…
سيعود الأذان في الأقصى حرًّا، وسيمشي الأطفال في شوارع غزة بلا خوف، وسيتوقف البكاء… حين يأتي وعد الله.



موضوعات مشابهه