السبت ١٣ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
02:16:57am

سر الهجوم الشرس للإخوان على 23 يوليو وعبدالناصر فى الذكرى الـ72 للثورة

الأربعاء ٢٤ - يوليو - ٢٠٢٥

مع كل ذكرى يحتفل فيها الشعب المصرى بذكرى ثورة 23 يوليو، تبدأ أبواق جماعة الإخوان الإرهابية وكتائبها الإلكترونية فى حملات الكذب والتزوير والتزييف، وتظهر حقدها الأسود وكراهيتها العمياء ضد الثورة وزعيمها

الهجوم على الثورة وجمال عبدالناصر فى كل عام له ما يبرره - لدى الجماعة - وأسبابه معروفة، فهو ثأر وعداء تاريخى لم تستطع الجماعة نسيانه، وما زال ممتدا مع ثورة 30 يونيو،

وكأن التاريخ يعيد نفسه، ومع ذلك لا يتعلم الإخوان الدرس والعبر، وما زالوا يمارسون هوايتهم التاريخية فى الكذب والتزوير وتزييف التاريخ وقلب الحقائق والمتاجرة بالدين

 

لكن وقبل أن تهل الذكرى الـ72 لقيام ثورة يوليو المجيدة، تصاعدت بشدة وبصورة غير مسبوقة حملة هجوم شرسة وممنهجة من أبواق وكتائب الجماعة الإرهابية ومن يتعاطفون معها

ومن يدبرون لتحطيم كل قيمة ورمز وقيادة تاريخية للشعب المصرى ضد ثورة 23 يوليو وعبدالناصر، واستعادوا «الأسطوانة المشروخة» نفسها، و«النغمات الكريهة» فى نبرة العداء والحقد ضد يوليو

التى كان لها الفضل فى نزع القناع عن الوجه الحقيقى لطيور الظلام ومشروعهم فى الاستحواذ والسيطرة والهيمنة والوصاية على مقدرات البلاد

وأطاحت بهم وبأوهامهم وتآمرهم، مثلما حدث لهم فى يونيو بثورة الشعب والجيش

 

فشل الإخوان فى السيطرة على الثورة وعدم ظهورهم كأبطال المشهد جعلهم يصفوا الثورة بالانقلاب، وحاولوا تشويه عبدالناصر

الذى اكتشف وجههم الحقيقى وحاولوا اغتياله فى المنشية بالإسكندرية عام 54

 

فقد اختفى حسن الهضيبى، مرشد عام الجماعة بشقة فى الإسكندرية، وبيانه بتأييد الثورة لم يصدر إلا بعد تسفير الملك فاروق مساء 26 يوليو بعد تأكده وجماعته من نجاح الثورة وإمساكها بزمام الأمور فى البلاد

بادرت الجماعة بالعداء المبكر واستعراض القوة، على الرغم من أن عبدالناصر بدأ فى التفاهم والحوار مع القوى السياسية الموجودة على الساحة، وعلى رأسها جماعة الإخوان

لإثبات حسن النوايا وبداية صفحة جديدة فى تاريخ مصر السياسى، وعدم وجود مواقف مسبقة من الجماعة رغم ما فعلته، لكن كعادة الجماعة التى لم ولن تتعلم من أخطائها وخطاياها، حاولت فرض الوصاية على الثورة

 

ففى أول اجتماع طلبه المرشد العام مع عبدالناصر، بعد قيام الثورة بأسبوع، طالب حسن الهضيبى - استنادا على القوة المزعومة للجماعة - بأن تعرض عليه قرارات مجلس قيادة الثورة قبل إصدارها

فرد عبدالناصر بأن الثورة قامت من دون وصاية، وهى لا تقبل أن توضع تحت وصاية أحد، وإن كان هذا لا يمنع من التشاور فى السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأى من دون التقيد بهيئة من الهيئات

 

كان جمال عبدالناصر حريصا على استقلالية حركة الضباط الأحرار، فيما كان الهضيبى يطمح فى أن يكون موجه النظام الجديد أو المرشد العام أيضا له

 

فى الاجتماع نفسه، طالب المرشد العام للإخوان بأن تطبق الثورة أحكام القرآن الكريم، فرد عليه عبدالناصر بأن الثورة أشعلت حربا على الظلم والاستبداد السياسى والاجتماعى والاستعمار البريطانى

وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لأحكام القرآن، فطالب المرشد بإصدار قانون بعودة الحجاب وإغلاق دور السينما والمسرح، ومنع الأغانى وتعميم الأناشيد الدينية، حتى داخل الأفراح

ومنع السيدات من العمل فى المصالح الحكومية والخاصة، وإزالة التماثيل القديمة والحديثة من القاهرة

 

فقال له عبدالناصر: «لك ابنة فى كلية الطب أعرف إنها بتروح الكلية بلا حجاب، وإنها بتروح للسينما»، وأوضح له استحالة تنفيذ طلبه

 

وضح أن الجماعة تخطط للصدام - وكأن التاريخ يعيد نفسه - فهى تسعى للاستحواذ والسيطرة وفرض الوصاية وثورة الجيش والشعب أو الشعب والجيش تريد الاستقلال الوطنى وحرية القرار دون فرض وصاية من جماعة أو شخص

 

بالفعل الصدام الأول بين «الثورة والإخوان»، وقع عندما رشحت الجماعة الشيخ أحمد حسن الباقورى، عضو مكتب الإرشاد، والمستشار أحمد حسنى للمشاركة فى وزارة محمد نجيب الأولى

ثم سحبت ترشيحهما لترشح عبدالقادر عودة ومنير الدلة، إلا أن جمال عبدالناصر رأى فى ذلك محاولة لفرض الذات، وعندما اختلف مجلس قيادة الثورة مع رئيس الوزراء على ماهر

وأغلبية الوزراء حول قانون الإصلاح الزراعى، انحاز مرشد الإخوان إلى معارضى القانون

 

فضح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر جرائم الجماعة الإرهابية فى حق الوطن، عندما قال فى أحد خطاباته: الإخوان كانوا يريدون التأثير على الثورة، ويعملوا نفسهم أوصياء عليها

اختلفنا معاهم فأعلنوا الحرب علينا، وأطلقوا الرصاص علىّ، كنا بنتفاوض مع الإنجليز على الجلاء وهما بيعقدوا صفقات معاهم ويقولولهم نستطيع الاستيلاء على السلطة

أيام ما كنا بنحارب الإنجليز فى القناة مرشد الإخوان قال إنتم تحاربوا فى القناة واحنا نرى إننا نحارب فى أى بلد آخر، لأننا دعوة واسعة.. كلام كله تضليل وتجارة بالدين

اكتشفنا وجود خطط للاغتيالات وتدمير البلد، ونحن لن نسلم أنفسنا لأعوان الاستعمار، فهذه الجماعة تعمل لحساب الاستعمار

 

وبلغ بهم حد الغباء السياسى - كالعادة - إلى التهديد بحرق البلاد، وحاولوا إشعال الفوضى والقتل والتخريب، حيث صدرت التعليمات لطلبة الإخوان بجامعة القاهرة بالاصطدام مع طلبة هيئة التحرير فى جامعة القاهرة

الذين سقط بعضهم جرحى بسلاح الإخوان فى 12 يناير 1954

 

أدى كل ذلك إلى إصدار عبدالناصر، من خلال مجلس قيادة الثورة، قرارا فى 14 يناير 54 بحل جماعة الإخوان المسلمين، وتم القبض على الهضيبى و450 من أنصاره

واستجابة لوساطة الملك سعود، أفرج عنهم جميعا، وأعيد إشهار الجماعة كحركة دينية، وسمح للهضيبى وبعض قادة الإخوان بالسفر إلى السعودية وسوريا

 

كان الحل فى رأى الإخوان هو اغتيال زعيم الثورة، وهو ما حدث فى حادثة المنشية فى 26 أكتوبر عام 54، بينما كان عبدالناصر يخطب فى ميدان المنشية بالإسكندرية، فأطلق عليه الرصاص محمود عبداللطيف عضو الجماعة

فلم يغادر مكانه وواصل خطابه بشجاعة هزت الجمهور، مما أحدث نقلة فى الموقف الشعبى من عبدالناصر، الذى قام بجولة فى شوارع الإسكندرية

فاستقبل بحماس وابتهاج من الشعب - والتحقيقات منشورة وأثبت بالاعترافات ضلوع الجماعة فى محاولة اغتيال عبدالناصر

وأعقب المحاولة حملة اعتقالات بلغت ذروتها بعد اكتشاف المخازن السرية للأسلحة ومخابئ الجهاز الخاص، إذ بلغ عدد المعتقلين حينها نحو 3 آلاف معتقل

وشكلت محكمة الثورة برئاسة جمال سالم وعضوية أنور السادات وحسين الشافعى، فأصدرت أحكاما بحق 867 متهما

فيما أدانت المحكمة العسكرية 252 متهما، ونفذ حكم الإعدام بحق 6 منهم وأفرج عن البقية قبل 23 يوليو1956

 

المفارقة أن من بين المفرج عنه كان سيد قطب، الزعيم الأكبر للإخوان الذى حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 15 عاما، كتب خلالها فتاواه التكفيرية، التى تستند إليها الجماعة حتى وقتنا الحالى

بل إنه بعد الإفراج عنه أسس مجددا لما عرف بـ«تنظيم 1965»، لاغتيال جمال عبدالناصر وعدد من رجاله المؤثرين للسيطرة على السلطة، بالإضافة إلى عدد من العمليات الإرهابية

منها محاولة تدمير مبنى الإذاعة والتليفزيون، ومحطات الكهرباء، والقناطر الخيرية، لإغراق البلاد فى الفوضى، لكن المؤامرة تم كشفها قبيل التنفيذ، وتم القبض على عناصر التنظيم وتم إعدام سيد قطب

 

 

  أن كراهية الإخوان لثورة يوليو دفع بهم إلى الوقوف ضد مبادئهم المعلنة، بل وضد الدولة الإسلامية أيضا التى يتغنون بها ليلا ونهارا، وأكبر دليل على ذلك معارضتهم للوحدة مع سوريا

وأن خلافهم مع النظام حول الوحدة المصرية السورية لم يكن قائما على منطلقات فكرية وأيديولوجية، وإنما كان يقوم على كراهية النظام الحاكم

وما صدر عنه من قرارات بصرف النظر عن مدى تلاؤمها مع الإسلام باعتباره دين الوحدة وليس دين الفرقة والتشتت

 

كراهية الإخوان لثورة يوليو هى ذاتها كراهية الجماعة الإرهابية لثورة 30 يونيو

إنهم يكرهون الثورة التى تصدت للفساد والإقطاع ووضع نهاية للاحتلال الإنجليزى، وحققت إنجازات عظيمة، وأرست مبادئ العدالة والمساواة والحرية

وأحدثت تغييرا كبيرا فى المنطقة العربية والأفريقية، دافعت عن حرية الشعوب وحقها فى حياة حرة كريمة، وفى التخلص من الاحتلال وسيادتها واستقلال كرامتها

 

يكرهون يوليو لأنها أنهت تبعية مصر للدولة العثمانية، التى تحمى الإخوان وتدعمهم بكل الأشكال، ونظروا إلى الضباط الأحرار بنظرة الخوف باعتبارهم تهديدا حقيقيا لإنهاء وجودهم ومشروعهم الإخوانى

للسيطرة على الحكم فى مصر وغيرها من الدول العربية، التى لا يعترفون بحدودها من الأساس، ولذلك كان الصدام حتميا لأنهم ضد أى تغيير فى السلطة لا يدعمهم

 

كما أنهم يكرهون ثورة 30 يونيو التى تمكنت من استعادة الدولة من يد جماعة إرهابية حاولت الهيمنة عليها وتسخيرها من أجل جماعة وعشيرة

وكأنهم لا يتعلمون الدرس أبدا فى محاولات الهيمنة والوصاية. ولذلك يرى المؤرخون أن ثورتى 23 يوليو و30 يونيو قامتا بتوحد الجيش والشعب

يوليو ثورة جيش عظيم سانده شعبه، كما أن ثورة 30 يونيو ثورة شعب سانده جيشه الأبى



موضوعات مشابهه