سيوة أرض النخيل والزيتون والآثار فى عمق الصحراء.. واقعها أشبه بالأساطير وتحافظ على طابعها التراثى

الثلاثاء ١٧ - سبتمبر - ٢٠٢٥
يتوسط حصن شالى أوالمدينة القديمة مدينة سيوة، التى تتميز بموقعها الفريد والنائى وكونها واحة خضراء فى
قلب صحراء الغربية، جنوب غرب مدينة مرسى مطروح بـ 320 كيلومترا، على طول هذه المسافة لا توجد
مدن أو قرى أو مصادر للماء، مجرد صحراء قاحلة، تنتهى بواحة غناء تغطيها أشجار النخيل والزيتون والفاكهة
والمحاصيل المتنوعة إضافة إلى البحيرات التى تشكلت على مر السنين من فائض مياه الصرف الزراعى، حيث
تتدفق عيون المياه الجوفية بغزارة مع قربها من سطح الأرض
وتعد وأحة سيوة محمية طبيعية وتراثية، إلى جانب الحفاظ على طابعها البيئى والتراثى، فى المنشآت الجديدة والذى يحافظ
ويحرص عليه أهالى الواحة، وتدعمه الدولة وتشجع عليه، من أجل الحفاظ على طابعها المميز والفريد الذى يجعلها
أهم المقاصد السياحية البيئة والثقافية والعلاجية، إلى جانب تصنيفها عالميًا من أهم المقاصد والوجهات السياحية الشتوية
فى العالم لتميز طقسها الدافئ شتاءً، كما أنها أصبحت خلال السنوات الأخيرة، مقصدا للسياحة العلاجية صيفًا
وتعنى كلمة " شالى" وهى كلمة باللغة السيوية معناها المدينة، وبنيت المنازل والأسوار من مادة الكرشيف
وهو الطين المخلوط بملح البحيرات، وهو مادة البناء التى يستخدمها أهالى سيوة حتى الآن
ويعود تاريخ حصن " شالى " الأثرى، إلى ما قبل 800 سنة، وتم ترميمها مؤخرا وإعادة إنشاء
الأجزاء المهدمة بها، بأيدى أبناء سيوة من البنائين المهرة، بتعاون مشتركة من الدولة والاتحاد الأوربى
وإعادة إحياء شالى القديمة وإعلانها ضمن التراث العالمي وقال محمد عمران جيرى عضو
مجلس إدارة جمعية أبناء سيوة للخدمات السياحية والحفاظ على البيئة، إن الروايات المتوارثة من الأجداد
تؤكد أنه بسبب غارات الأعداء وقطاع الطرق على الواحة، قام 40 رجلا من أهل الواحة، قبل 800 سنة
بتشييد حصن ومدينة صغيرة فوق الجبل الذى يتوسط الواحة ليحتموا داخله، وأطلقوا عليه اسم "شالي" أى
المدينة باللغة الأمازيغية ، و أقام الأهالى منازلهم على الجبل وأحاطوها بسور مرتفع وجعلوا له مدخل واحد
وهو موجود حتى الآن، باسم "الباب إنشال" ومعناه "باب المدينة"، وبعد مرور حوالى 100 عام
فتحوا باب آخر للحصن، أطلقوا عليه "الباب أثراب" أى الباب الجديد وبعدها فتحوا بابا ثالث من
أجل النساء أطلقوا عليه "باب قدوحة
ويضم حصن شالى 7 آبار مياه عميقة، كان يحصل الأهالى على احتياجاتهم من المياه منها، حيث يقع
الحصن عند أعلى نقطة فى واحة سيوة، على جبل صغير تحيط به الزراعات وعيون المياه، وكان يتحصن
فيه أهل الواحة قديمًا، من غارات الغزاة واللصوص، ومع مرور الزمن تهدمت أجزاء من القلعة وتزايد
عدد سكان الواحة، فنزلوا إلى السهل المحيط بها وتوسعوا فى بناء المنازل
وأضاف "جيري"، بأنه فى عام 1926 هطلت أمطار غزيرة استمرت 3 أيام نتج عنها انهيار بعض المنازل
وتصدع عدد آخر، فأضطر أصحابها لإخلائها خوفًا على حياتهم، وترك السكان منازلهم القديمة
وشيدوا منازل جديدة أسفل الجبل المقام عليه مدينة شالى القديمة وهى سيوة الحالية
كما يوجد وسط شالى مسجد آخر، وهو مسجد الشيخة حسينة أو مسجد تطندى، ويرجع تاريخه إلى العصر الأيوبى
حيث أنشئ عام 600 هجرية، وكانت قد تبرعت بتكاليف إنشائه سيدة مغربية، أثناء مرورها بواحة سيوة
وهى فى طريقها لتأدية فريضة الحج، وهو على مساحة 300 متر مسطح، وله مئذنة مستديرة الشكل
بارتفاع 17 مترا، ويضم مصلى سيدات وثلاثة أروقة مقسمة بواسطة دعامات
وشملت أعمال الترميم، إعادة بناء المئذنة باستخدام مادة "الكرشيف" وهى التى تستخدم فى العمارة السيوية
كما تم تدعيم الواجهة الرئيسية للمسجد بتركيب دعامات نصف دائرية، وعمل ترميم كامل
سقف حجرة تحفيظ القران، باستخدام جذوع النخيل، بعد إزالة الجذوع المتهالكة، وإعادة
بناء الغرفة المطلة على الشارع الرئيسي
وتم عمل أرضيات المسجد الأثرى من الطفلة الصفراء، واستمرت أعمال الترميم أكثر من عامين
بتمويل من المركز الثقافى البريطاني. وبتنفيذ مبادرة "إحياء قلعة شالى بواحة سيوة"، وهو
المشروع الممول من الاتحاد الأوروبى، وشركة نوعية البيئة الدولية، فى فبراير 2018
حتى أواخر عام 2020، تم الانتهاء من أعمال ترميم موقع شالى الأثرى، من خلال الاستعانة بالبنائين
المهرة من أبناء سيوة، وهو ما أسهم فى تحسين مكانة سيوة الدولية، كوجهة للسياحة البيئية الرائدة
من خلال رفع مكانة شالى كإحدى مناطق الجذب الرئيسية للسياحة الثقافية بسيوة، خاصة بعد تسجيله ضمن التراث العالمي