صحة المرأة النفسية والمساعدة في تربية الأطفال ذوي الهمم
الجمعة ٢١ - نوفمبر - ٢٠٢٥
بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان
تربية طفل ذو هِمّ مسؤولية كبيرة، لكنها في نفس الوقت تجربة إنسانية عميقة تغيّر روح الأم ونظرتها للحياة. وكلما كانت صحة الأم النفسية قوية ومتوازنة، كلما استطاعت أن تمنح طفلها الأمان، والقبول، والطاقة اللي يحتاجها علشان يكبر بثقة ويواجه العالم بطريقته الخاصة.
وهنا تظهر الحقيقة اللي ناس كتير بتتجاهلها:
صحة الأم النفسية مش رفاهية… دي جزء أساسي من رحلة التربية، خاصة مع طفل يحتاج دعم إضافي.
أولًا: ليه صحة الأم النفسية بتتأثر؟
لأن الأم مش بس مسؤولة عن المتابعات الطبية أو الجلسات أو المدرسة، لكنها كمان مسؤولة عن الشعور اللي الطفل بيستقبله منها يوميًا.
ومع طفل ذو هم ، الضغوط بتكون أعمق:
محاولات التوفيق بين البيت والمتطلبات الخاصة للطفل.
الشعور بالقلق من المستقبل: “هيقدر يعتمد على نفسه؟”، “هلاقي دعم؟”.
الخوف من نظرة المجتمع.
الإرهاق النفسي نتيجة الاستمرارية والمتابعة.
مقارنات داخلية بين تجربتها وتجارب الأمهات الأخريات.
ومع الوقت، الأم نفسها ممكن تنسى إنها تحتاج نفس القدر من الرعاية اللي بتقدمه لطفلها.
ثانيًا: الطفل ذو الهم … مراية نفسية لأمه
الأطفال ذوي الهمم عندهم حساسية عالية للطاقة والمشاعر.
لو الأم متوترة… الطفل يحس.
لو الأم حزينة… الطفل يتأثر.
ولو الأم ثابتة وهادئة… ده بينعكس على الطفل في الكلام، واللعب، والقدرة على تحمل الإحباط.
الطفل مش محتاج أم “مثالية”…
هو محتاج أم “صحية” نفسيًا.
وده معناه:
إنها تتقبل يوم ضعيف ويوم قوي.
إنها تعترف إنها تعبت بدل ما تكتم.
إنها تدور على طرق راحة ليها هي كمان.
ثالثًا: العلاقة الذهبية بين صحة الأم وتطور الطفل
في أطفال ذوي الهمم، التقدم بيجي على شكل خطوات صغيرة.
لكن الخطوات دي ترتبط بشيء مهم جدًا: استقرار الأم النفسي.
لما الأم تبقى أهدى وأقوى من جوا، ده ينعكس على:
1) زيادة ثقة الطفل بنفسه
لأن صوت أمه هو أول صوت يزرع جواه “أنت قادر”.
ولو الأم نفسها مش متوازنة، الرسالة ممكن تتشوش.
2) قدرة الطفل على التعلم
الطفل يتعلم أكتر لما البيئة آمنة ومش مشحونة.
الأم المستقرة تخلق جو يساعد على الانتباه والتفاعل.
3) مهارات التواصل
الأم اللي تعاملها هادئ وثابت تساعد الطفل يفهم المشاعر ويتعامل معاها صح.
4) مواجهة السلوكيات الصعبة
الأم القادرة نفسيًا تقدر تحط حدود، تحل المواقف بهدوء، وما تدخلش في دوامة الغضب.
رابعًا: ازاي الأم تحافظ على صحتها النفسية؟
ده مش كلام “نظري”… دي حاجات بسيطة لو اتعملت بانتظام، تفرق جدًا:
1) مساحة خاصة يوميًا—even لو 10 دقايق
تكتب، تتنفس، تسمع حاجة بتحبها… المهم إنها ملكها هي.
2) الاعتراف بالمشاعر
بدل ما تقول “أنا لازم أكون قوية” تقول:
“أنا إنسانة… ولادي محتاجيني بس أنا كمان محتاجة نفسي.”
3) طلب المساعدة
مش ضعف.
بالعكس… ذكاء.
سواء من الأب، الأسرة، أو مختصين.
4) الانضمام لمجموعات دعم
سماع تجارب أمهات زيها يعطيها راحة مش هتلاقيها في أي مكان.
5) فصل الأم عن الدور
مش معنى إنها أم لطفل ذو همة إنها تفقد حياتها أو هواياتها.
---
خامسًا: الطفل يحتاج أم سعيدة… مش أم مثالية
أكتر جملة بتهز قلب أي أم:
“هو هيبقى كويس؟”
والإجابة:
هيبقى أحسن لما تكوني إنتِ بخير.
لأن الطفل يتغذى على حبك… وهدوءك… وإيمانك بيه.
الأم اللي تعتني بنفسها بتعلم طفلها أهم درس في الحياة:
“إحنا نستحق الراحة، والقبول، والرحمة.”
سادسًا: نظرة المجتمع… ودور الأم في تغييرها
ناس كتير لسه مش فاهمة يعني إيه طفل ذو همة، وده يسبب ضغط.
لكن الأم القوية نفسيًا تفرق جدًا في تكوين صورة الطفل قدام الناس:
لما تتعامل بثقة، المجتمع يتعامل باحترام.
لما تتكلم عن قدرات ابنها بدل عجزه، النظرة تختلف.
لما تدافع عنه وهي هادئة، الرسالة توصل.
المجتمع مش هيتغير فجأة، لكنه بيتغير من أم واحدة بتدافع عن طفلها بحب واتزان
الخلاصة:
صحة المرأة النفسية هي العمود اللي بتقوم عليه رحلة تربية الأطفال ذوي الهمم.
مش رفاهية، ولا رفّة مشاعر…
هي صمام الأمان للطفل وللبيت كله.
وكل أم في التجربة دي تستحق إنها تُسمَع، وتُدعَم، وتاخد وقت لنفسها…
لأنها أساس القوة… وأساس الرحلة… ومصدر الضوء اللي الطفل بيمشي وراه. وفي النهاية احب اقول كلمة لكل ام انتي انسانة محتاجة كل الدعم من المجتمع ومنا كل الاحترام والتقدير


