عيد الفلاح 72.. تفاصيل الزيارة التاريخية للزعيم جمال عبد الناصر لمدينة إدكو بالبحيرة

الإثنين ٠٩ - سبتمبر - ٢٠٢٥
عندما نتحدث عن أهم الأحداث فى تاريخ محافظة البحيرة، لابد أن نذكر بكل فخر زيارة الزعيم الراحل
جمال عبد الناصر لمركز إدكو عام 1959، وذلك لتوزيع الأراضي الزراعية على صغار الفلاحين
ويأتى ذلك بالتزامن مع ذكرى "عيد الفلاح" والذى يوافق يوم إصدار قانون الإصلاح الزراعى
وإعادة توزيع ملكية الأراضى الزراعية من يد الاقطاع إلى صغار الفلاحين وإنشاء جمعيات
الإصلاح الزراعى والهيئة العامة للإصلاح الزراعى، فى خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية
لكافة فئات الشعب المصري
كما يتواكب عيد الفلاح مع وقفة الزعيم أحمد عرابى عام 1881 أمام الخديوى توفيق ومقولته المعروفة
لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا ولم نخلق تراثا أو عقارا ولن نستبعد بعد اليوم
ويظل يوم 20 سبتمبر يوما مشهودا فى تاريخ مدينة إدكو بالبحيرة، حيث قام الرئيس جمال عبد الناصر
بزيارة المدينة قادما من الإسكندرية
ويقول الباحث التاريخى هاني مهنى طه أحد أبناء مدينة إدكو، إن الظروف الطبيعية فرضت نفسها
على مدينة إدكو التي يحدها من الشمال البحر المتوسط ومن الجنوب بحيرة إدكو ومن الشرق والغرب
الملاحات بالإضافة إلى المساحات الواسعة من الرمال والكثبان الرملية من ساحل البحر حتى الكتلة السكانية
لإدكو القديمة، مضيفا أنه بطبيعة الحال اشتغل أهل إدكو بالصيد في البحر والبحيرة
بالإضافة إلى بعض الزراعات كالنخيل والعنب والتين والطماطم والبطيخ والتي تعتمد على المياه
من باطن الأرض أو ما تسمى بالزراعة البعلية ونظرا لبُعد إدكو عن مصدر دائم للري فقد جاءت الفرصة
لأهلها مع تجفيف بعض المساحات من بحيرة إدكو وتحويلها إلى أراض زراعية
وأشار الباحث التاريخى هانى مهنى، إلى أن فكرة تجفيف بعض المساحات من بحيرة إدكو
لم تكن وليدة ثورة 1952 فقد كانت خطة الحكومة المصرية منذ أواخر القرن التاسع عشر في تجفيف
أجزاء من بحيرة إدكو، حيث نشرت جريدة المؤيد في عددها الصادر 8 سبتمبر 1897 نقلا عن
جريدة البصير عزم الحكومة على نزح بحيرة إدكو
وتابع: جاء في جريدة البلاغ في عددها الصادر 18 نوفمبر 1948 إلقاء رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي
لخطاب العرش في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، وذلك في حضور الأمير محمد علي نائبا عن الملك فاروق
وقد جاء في الخطاب شروع الحكومة في تجفيف وإصلاح مساحات واسعة بمنطقة بحيرتي مريوط وإدكو
وأوضح مهنى إننا يمكنا التعرف أكثر عن أهمية الأراضي التي تم توزيعها على الأهالي بعد ذلك بما جاء في
صحف تلك الفترة - وما قبل الثورة- حيث طالب الأهالي كما جاء في جريدة البلاغ في عددها الصادر 18 أكتوبر1949
"تقدم أهالي بلدة إدكو بالتماس إلى وزارة الشئون الاجتماعية يطلبون فيه توزيع الجزء المجفف من بحيرة إدكو
على صغار المزارعين منهم، ومساحة هذا الجزء تبلغ ثلاثة آلاف فدان.. وقد اهتمت الوزارة بهذا الأمر وأوفدت
محمد رياض الغنيمي المفتش بمصلحة الفلاح لزيارة هذه المنطقة تمهيدا لبحث ملتمس الأهلين
وقد أعد تقريرا لرفعه إلى المسئولين بالوزارة، وقد تبين من دراسة هذه المنطقة أن عدد السكان يتزايد فيها
بنسبة كبيرة، فبينما كان عددهم في سنة 1937 يبلغ 20.000 نسمة وصل إلى 31.000 نسمة في سنة 1947
وذلك يرجع إلى زيادة نسبة المواليد وقلة الوفيات لتحسن الحالة الصحية
وقد أدت هذه الزيادة في السكان إلى نقص في نصيب كل فرد من الدخل نظرا لأن موارد هذه المنطقة محدودة
وهي تنحصر في صيد الأسماك ونسج الأقمشة اليدوية واستخراج الملح، وقد تأثر مستوى المعيشة بعامل زيادة السكان
كما أن تجفيف جزء من البحيرة تقص من دخل بعض الأهالي من صيد السمك
وأشار مهنى أن أهالى ادكو قد كتبوا إلى المسئولين مذكرة وافية جاء فيها أن أهم أساس يقوم عليه مشروع توزيع الأراضي
على أرباب المعاشات وخريجي المعاهد الزراعية هو تعمير المناطق المستصلحة والتي تقل فيها الأيدي العاملة
ولكن في منطقة إدكو تكثر الأيدي العاملة إلى درجة التعطل ولا يوجد شبر واحد من الأراضي الزراعية
ويرون أن العدالة والقانون يحتمان الإبقاء على المساحة المجففة من البحيرة لأهالي الناحية الفقراء
وسيوفر هذا على الحكومة مبالغ طائلة ستنفقها في إعداد مساكن للمعدمين وخريجي المعاهد الزراعية
وأضافو أن أهالي إدكو يقررون أنهم يكتفون بمساكنهم الحالية في بلدتهم الملاصقة، وهؤلاء الأهالي البالغ عددهم
نحو أربعين ألف نسمة يرجون الرئيس محمد نجيب أن يحقق مطلبهم إنقاذا للبلدة من الضائقة التي تعانيها الآن
وعن زيارة التاريخية للزعيم جمال عبد الناصر لمدينة إدكو قال هانى مهنى طه إن هذه الزيارة غيرت مسار هذه المنطقة
بعد توزيع الأراضي الزراعية على صغار الفلاحين ، مضيفا أنه تم إقامة سرادق كبير لاستقبال الضيوف بأرض
الإصلاح الزراعى وسط حفاوة بالغة لرجال ثورة يوليو وعلى رأسهم الرئيس جمال عبد الناصر
وتابع من المشاهد اللافتة أثناء احتفال توزيع الأراضي على المنتفعين قيام محمد المدخوم أحد المزارعين
اللذين تحدثوا فى الاحتفال بصفته سكرتير جمعية الاصلاح الزراعي بإدكو
وقال المدخوم يومها مقولته المأثورة لقد أصبح الفلاح اليوم مالكا لأرضه بعد أن كان معدما وأجيرا
ثم رفع عمامته، مما أثار إعجاب الحاضرين لاعتزازه بنفسه
يذكر أن قانون الإصلاح الزراعى قد أصدر عام 1952، أى بعد شهرين فقط من قيام ثورة يوليو وأعاد هذا القانون
رسم خريطة الملكية الزراعية بإعادة توزيع الأراضي التى تمت مصادرتها على صغار الفلاحين، وإنشاء جمعيات
الإصلاح الزراعى والهيئة العامة للإصلاح الزراعى لتتبدل أحوال الفلاحين، ومنذ هذا التاريخ
تحتفل مصر والقطاع الزراعى بعيد الفلاح