الخميس ١١ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
10:25:37pm

عيذاب أول ميناء بحري فى البحر الأحمر عبر التاريخ كان يستقله الحجاج لفترة كبيرة من الزمن

السبت ٠١ - مارس - ٢٠٢٥

تعد الموانئ البحرية على سواحل البحر الأحمر، شاهدًا على تاريخ طويل وعريق، حيث كانت تلك الموانئ

محطات هامة عبر العصور المختلفة بدءًا من الحضارة الفرعونية وصولًا إلى الرومانية والإسلامية

مرورًا بالعديد من الحضارات التي تأثرت بهذه الممرات البحرية الاستراتيجية، ومن بين هذه الموانئ العريقة

ويتصدر ميناء عيذاب التاريخي، الذي يُعد أول ميناء بحري في البحر الأحمر

 

من جانبه قال محمد أبو الوفا المدير السابق لأثار البحر الأحمر، إن ميناء عيذاب شهد العديد من

الأحداث الهامة على مدار التاريخ، ليبقى شاهدًا حيًا على الروابط التجارية والثقافية التي كانت تربط بين

مناطق مختلفة من العالم القديم

 

وأضاف المدير السابق لآثار البحر الأحمر، أن ميناء عيذاب يعتبر من أقدم الموانئ البحرية

على سواحل البحر الأحمر، ولعب دورًا كبيرًا في حركة التجارة والرحلات البحرية في تلك الفترة الزمنية

وفقًا للمؤرخين، يقع هذا الميناء في منطقة مثلث حلايب وشلاتين، بالقرب من

منطقة أبو رماد في أقصى جنوب الشلاتين

 

وأوضح أنه يتمتع بموقع جغرافي متميز جعله نقطة التقاء للعديد من الطرق التجارية التي تربط بين

القارات المختلفة، ما جعله نقطة انطلاق حيوية للحجاج والمسافرين، كذلك ميناء عيذاب نقطة انطلاق

مهمة خلال خلافة الخليفة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب

 

وتابع: كانت هناك العديد من الزيارات لبيت الله الحرام عبر هذا الميناء، ويُعتبر من الموانئ الأساسية

التي سلكها المسلمون في رحلاتهم إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، وأول الطرق البحرية لبلاد الحرمين

ومع مرور الزمن، أصبح ميناء عيذاب من أكثر الأماكن أهمية في حركة الحجاج على طول البحر الأحمر

حيث كان بمثابة نقطة ربط هامة بين مناطق مختلفة في العالم الإسلامي

 

وكشف أن المقريزي، المؤرخ العربي الشهير، أشار إلى أهمية ميناء عيذاب كأحد الموانئ المزدهرة

في تلك الفترة، فقد كان يربط بين البحر الأحمر وبين موانئ اليمن والهند، كما كان يمثل جسرًا بحريًا

يربط بين هذه المناطق وبين البحر الأبيض المتوسط، وتلك الروابط جعلت من عيذاب ميناءً استراتيجيًا

في حركة التجارة العابرة بين القارات القديمة، حيث كان يسهم في تسهيل حركة البضائع من

وإلى الشرق الأوسط وأفريقيا

 

ومن أبرز ما يُميز ميناء عيذاب هو دوره الكبير في نقل الحجاج إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج

فقد كان الميناء أحد الموانئ الرئيسية التي سلكها الحجاج لفترة تمتد من القرن العاشر إلى

القرن الرابع عشر الميلادي، خاصة بعد أن أغلق الصليبيون الطريق البري المؤدي إلى الشام

ليصبح طريق البحر الأحمر عبر ميناء عيذاب هو الخيار الوحيد المتاح أمام الحجاج

 

ويعود تأسيس ميناء عيذاب إلى قبائل البجة التي كانت تقطن صحراء عيذاب قديما عندما دخل

الرومان إلى هذه المناطق، ضاقوا على قبائل البجة في مصادر رزقهم، مما دفعهم إلى إيجاد مصدر

آخر للدخل، هكذا تم إنشاء ميناء عيذاب كمحاولة لتعويض خسائرهم في مجال التجارة التي تأثرت بعد

دخول الرومان إلى صحرائهم، وقد سمي الميناء "عيذاب" نسبة إلى "صحراء عيذاب"، التي كانت

مسرحًا للأحداث التي تزامنت مع تأسيسه

 

وأكد أبو الوفا: كانت المراكب المستخدمة في ميناء عيذاب في البداية بدائية للغاية

حيث كانت عبارة عن جذوع نخيل الدوم المربوطة بحبال التيل، وهو ما يعكس الطابع البدائي

لهذا الميناء في بداياتة، لكن مع مرور الوقت، أصبح ميناء عيذاب جسرًا بين البحر الأحمر

ومنطقة الجزيرة العربية، ليربط بشكل مباشر بين مناطق مثل اليمن والهند، ومع مرور الزمن

توسع الدور التجاري للميناء، ليصبح نقطة وصل بين العديد من الدول والوجهات البحرية

 

ومرت عبر ميناء عيذاب العديد من الشخصيات التاريخية المشهورة، مثل الرحالة ابن بطوطة

الذي عبره أثناء رحلاته الشهيرة في القرن الرابع عشر، كما أن الرحالة الآخرين مثل ابن جبير

والتجيبى قد عبروا الميناء أيضًا في رحلاتهم. وكان ميناء عيذاب يمثل نقطة مهمة في

رحلاتهم التجارية والدينية، حيث كان يستخدمه الحجاج والمسافرون في تلك الحقبة

 

ويبقى ميناء عيذاب شاهداً على الحضارات العريقة التي مرت عبر البحر الأحمر

وعلى الدور الكبير الذي لعبه في حركة التجارة والحج عبر القرون، ومن ميناء عيذاب

انطلقت قوافل الحجاج والمغامرين، وجاب الرحالة العالم عبره، وفي تلك الحقبة التاريخية

كان هذا الميناء أحد أبرز معالم التواصل بين العالمين العربي والإفريقي



موضوعات مشابهه