كيف استطاع المصريون القدماء التغلب على ارتفاع درجة حرارة الجو منذ آلاف السنين؟

الجمعة ١٣ - سبتمبر - ٢٠٢٥
لا تزال الحضارة المصرية القديمة مدرسة علمية في كافة ظروف الحياة، حيث إنه مع تعاقب الفصول
المختلفة من صيف وشتاء وربيع وخريف، ومع موجة الطقس الحارة الشديدة التي ضربت
البلاد هذا العام، نرصد كيف قام القدماء المصريين بمواجهة حرارة الطقس عبر بعض الطقوس الحياتية
من مأكولات ومشروبات وملابس واستغلال أشجار وبحيرات وحمامات داخلية ونظم هندسية معمارية لمنازلهم
وأضاف الطيب غريب ، إنه من بعض الطرق التي قام بها المصريون القدماء للتغلب والتكيف مع الظروف
المناخية في تلك الحقبة من التاريخ، خاصة وأن المصري القديم قد عرف منذ أقدم العصور بذكائه الفطري
وقدرته على تطويع الظروف المحيطة به لمصلحته، حيث كانت النتيجة هي ما نراه اليوم من حضارة
هي أقدم وأعظم الحضارات التي حدثت في تاريخ البشرية جمعاء، مؤكداً على إنه في مجال الحياة الشخصية كانوا
يهتمون بنوعية الملابس بسبب طبيعة الجو الحار خلال فصل الصيف، حيث قام المصري القديم بالاستفادة بنوع
جيد جدا من المنتجات التي يقوم بزراعتها وهو (الكتان)، حيث أن الكتان معروف أنه بلونه الأبيض الجميل يعكس
أشعة الشمس ويسبب نوع من الترطيب على الجسم، كذلك فإن طبيعة الكتان تسمح بمرور الهواء والتهوية الجيدة
لأنه خفيف وله فتحات واسعة، فكان أفضل حل واختيار بالنسبة للملابس التي انتشرت في مصر القديمة آنذاك
وأوضح مدير بمعابد الكرنك، إن المصرى القديم إستخدم مراوح التهوية والتي كانت فكرتها تحريك الهواء للحصول
على تهوية أفضل هي فكرة مصرية قديمة خالصة، فقد انتشر بين المصريين استخدام المروحة أو ( الهواية )
وهي فكرة لا زالت تستخدم حتي الآن، بل وكانت أحد وسائل التهوية في البيئات الارستقراطية في العصور الوسطى
وحتى وقت قريب، وكانت المروحة تتكون من يد خشبية غالباً (طويلة أحياناً) وتنتهي بمجموعة من الريش
(ريش النعام)، ويتم تحريكها في اتجاهات مختلفة للتهوية وتحريك الهواء للحصول على جو أفضل نسبياً، حيث أن المتابع
للمناظر والنقوش التي تم تسجيلها على جدران المعابد والمقابر المصرية يري بوضوح انتشار استخدام المراوح للتهوية
حتى كان الملك له خدم يقومون بالتهوية عليه أثناء جلوسه على العرش، كما استفاد القدماء من ظل الأشجار في
مواجهة الطقس الحار، حيث كانوا يستظلون بها خاصة في أوقات الظهيرة والقيلولة، حيث أثبت العلم الحديث
أن الحرارة في ظل الأشجار أقل بـ10 درجات مئوية تقريباً عنها في الشمس
أما عن نظام التغذية فيؤكد الطيب غريب، إنه يعتقد بعض الباحثين أن أحد الأساليب التي استخدمها المصري القديم
في عمليات الترطيب والتقليل من حرارة الجو، هي كان اعتماد نظام غذائي بتناول الأغذية الخفيفة كثيرة الألياف
والغنية بالمياه، ومثال ذلك الفواكه بأنواعها والخضروات المختلفة، وهي أغذية تبعث على النشاط والحيوية
وسهلة الهضم ، كذلك تساعد على الارتواء الداخلي، وتعطي الشعور بالحيوية وعدم الخمول، كما كان من العادات
التي استخدمها المصريون القدماء لتقليل الإحساس بحرارة الجو التبرد السباحة في نهر النيل والبرك والبحيرات
وهناك بعد المناظر التي صورت هذا الأمر سواء في النقوش والرسومات مثل منظر لرجل يعوم داخل المياه
علي احد كتل التلاتات التي تعود لفترة حكم الملك اخناتون
أما في مجال الهندسة المعمارية فقد استخدام الطوب اللبن في تشييد وبناء المنازل والبيوت بل والقصور الملكية،
حيث كان من أهم العناصر الأساسية التي استخدمها المصريون القدماء في بناء وتشييد منازلهم وبيوت السكني لهم،
بل وتم استخدامه أيضا في بناء قصور الملوك واستراحاتهم الملكية "الطوب اللبن"، والذي كان يتم صناعته
عن طريق مزج الطين أو التربة الطينية مع القش والماء وروث الحيوانات، لما يتميز به الطوب اللبن
من كونه عازل طبيعي للحرارة ولا يحتفظ بها مدة طويلة، وكذلك اعتمد المصريون القدماء على أسلوب الجدار السميك
الذي كان يعمل كعازل طبيعي لنفاذ الحرارة إلى داخل المنزل، فكانت سماكة الجدار تتراوح
ما بين 40 سم و60 سم حتى تقوم بعزل داخل المنزل عن الحرارة الخارجية، وكان هذا الأسلوب
متبعا حتي وقت قريب في القري والنجوع سواءً في صعيد مصر أو في الوجه البحري
وبجانب ما سبق فقد إختار القدماء المصريين السكن على ضفاف النيل، وذلك لما للماء من أهمية في تقليل درجات الحرارة
وبعث النشاط والحيوية في النفس، حيث قال الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، إنه يجب لا ننسى المثل الشهير
أن الأشياء التي تبعث على الارتياح النفسي والشعور بالهدوء والسكينة ( الخضرة والماء والوجه الحسن)
وقد قام المصري القديم بتطبيق هذا المثل، كما كان من العادات والتقاليد المصرية القديمة المتبعة حفر البرك والبحيرات
سواء في المعابد أو المنازل، فكان لا يكاد يخلو معبد أو منزل لأحد النبلاء من بركة للمياه تحيط بها الأشجار الجميلة الباسقة
بل أن ذلك كان أحد أمنيات المصري القديم في حياته الآخرة وهي الحصول على بركة مياه أو بحيرة تحيطها الحدائق الغناء
ويتجول داخل هذه البركة بقاربه. وفى النهاية قال الطيب غريب
(هذه بعض الأساليب والوسائل المبتكرة في ذلك الوقت من تاريخ مصر القديمة ، استطاع من خلالها المصري القديم التغلب علي
ارتفاع درجات الحرارة آنذاك، ووفقا للوسائل والمواد المتاحة في بيئته الطبيعية والمحلية فاستغلها أفضل استغلال وتفوق علي نفسه
كي يطوع كل الوسائل الممكنة في وقته لخدمته وتحقيق افضل النتائج من تقدم في شتي النواحي الحياتية
الامر الذي مكنه من بناء تلك الحضارة التليدة
التي عاشت لآلاف السنين ، وهي حاضرة وباقية تشهد علي عظمة هذا الانسان)