الخميس ١١ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
10:25:38pm

مربكات لمصر على الطريق

السبت ٠٨ - مارس - ٢٠٢٥

لم أسمع بمصطلح مُربِكات Disruptions في سياقه الاقتصادي والسياسي الا من الدكتور محمود محي الدين في إطار كتابته والتي جمعها في كتاب "في التقدم مربكات ومسارات"، وهو يعني المُربِكات التي تلحق القلق بالقدرة العقلية على وضع الأفكار في منظومات فكرية، هذه المربكات بعضها يمكن اعتباره طبيعي بحكم تطور السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، ولكن البعض الاخر مصطنع ومقصود.

وفي المقال السابق وضحنا كيف بات علينا ان نعيد النظر في العالم من حولنا وفهم الصورة الأكبر في العالم والتي أصبحت مرة اخري تتداخل مع الصورة الإقليمية والداخلية كذلك، وفي سبيل فهم وتحيل وقراءة الاحداث ومقدماتها تأتي تلك المربكات التي تصنع قنابل دخان تحجب الرؤي او تفخخ الأفكار الجيدة بنوايا ومصالح ضيقة او تشتت عينك عن الأهداف الكبيرة الي معارك شوارع جانبية تستنزف من مصداقيتك وقدرتك وقوتك.

هذه المربكات تتكامل وفقاً لأجندة ولو غير مكتوبة ولكنها متفق عليها، وحديث الاجندات يلقي سخرية من بعض القوي السياسية التي تمتلك البوصلة الأخلاقية وتتعالي عن الحقائق، لكن لا ينكر أحد ان مصر المستقرة والتي يكافح شعبها وسط هذا المحيط تواجه هذه الاجندة التي تتفق عليها دول وجماعات وقنوات ومنظمات، وليس هذا من قبيل حديث المؤامرة عن مجموعات من أجهزة المخابرات تجلس وتكتب خططاً تدمر بها مصر كما يصور نفر من المثقفين في اطار سخريته من حديث المؤامرة والاجندات، ولكنها مصالح واموال تضخ خلف هذه المصالح ورسائل إعلامية وسياسية وحقوقية تبث منذ سنين طويلة وجماعات تسعي للسلطة والثروة وفرض قيم توجه هذه الأموال والأفكار وتستفيد من كل خطأ وكبوة لتنشر رسالة او تشكك في حقيقة او تضع ما يربك.

اول هذه المربكات هي الاشاعات، ويوميا تواجه مصر روايات واشاعات تتعامل مع بعضها وتتجاهل بعضها ويتم تصديق بعضها، الرد علي الاشاعات دائماً يكون بحرية تداول المعلومات وهو ما يحتاج الي تدخل تشريعي، لكن الأهم من القانون هو مناخ الثقة الذي يجب ان تعمل الحكومة علي بناءه مع الناس، ونتذكر أداء الحكومة خلال جائحة كورونا حيث كانت المصداقية العنوان وبما جعل المواطنين واثقين في الحكومة، ونتذكر كذلك كيف نعق غربان كثيرون عن قرب موت الملايين في مصر وان مصر غير جاهزة وان الجثث ستملأ الشوارع، ومرت الجائحة وخرجت مصر منها بسلام.

ثان هذه المربكات هي علاقة المصريين بالدين، فهوية المجتمع الإسلامية الوسطية تم "سلفنتها" وأصبح المزاج العام المصري حائر بين التشدد السلفي في صورته التي تفرض نمط من الملابس والسلوك تتدخل في حياة الاخرين وتنشر تعليقات سلبية وأصبح شباب صغير يستخدم مصطلحات لم تكن ضمن ثقافته بل وأصبحت تحدد علاقاته ليس فقط بأصحاب الأديان الأخرى ولكن بالنساء بل والمسلمين المختلفين في تفسير بعض الفقه.

خطورة هذه الربكة انها تشوه هوية المجتمع في جزء هام منها يؤثر على علاقة المصريين بعضهم البعض، وعلى سبيل المثال فأن تفاقم ظاهرة النصب وجمع الأموال من اشخاص غير مؤهلين لذلك وضياع مدخرات بعض المصريين ورائها فتوي مربكة عن حرمانيه فؤاد البنوك يستفيد منها النصابين والمغامرين وتضر المجتمع وتعوق تقدمه.

وللحديث بقية.

المتخصص في الحملات السياسية والإنتخابية/محمود إبراهيم

 



موضوعات مشابهه