ذات يوم.. 22 مايو 1936 ..مقتل الراقصة امتثال فوزى بزجاجة مكسورة فى رقبتها يفتح الجدل حول عصابات البلطجة والامتيازات الأجنبية فى مصر

الأربعاء ٢٢ - مايو - ٢٠٢٥
افتتحت الراقصة امتثال فوزى صالتها للرقص فى كازينو البوسفور بالأزبكية، يوم 2 مايو 1936، ووفقا للدكتور عبدالوهاب بكر فى كتابه «مجتمع القاهرة السرى 1900-1951»: «اتصل بها البلطجى فؤاد الشامى عارضا خدماته «الحماية»، إلا أنها رفضت
وفى أكثر من مناسبة أمرت بطرد البلطجى وأعوانه من الصالة، عندما كانت تجدهم يحتسون الخمر بلا مقابل، وعندما لم تذعن لمطالب فؤاد الشامى بدفع إتاوة، اعتدت العصابة عليها بالضرب ليلة 15 مايو 1936
وعندما لجأت لقسم الأزبكية الذى لا يبعد عن مرقصها بأكثر من ألف خطوة، أفهمها الضباط المرتشون بأن دورهم ليس حماية الناس من التهديد، وإنما ضبط الوقائع بعد وقوعها
تذكر مجلة المصور فى عددها رقم 607، الصادر فى 29 مايو 1936، أن «امتثال» ولدت فى قرية مير بديروط - أسيوط، واسمها الحقيقى أسما، ونزحت مع عائلاتها إلى الإسكندرية، وألحقت بمدرسة أفيروف بالعطارين وتعلمت اللغة اليونانية
وأخرجتها والدتها منها، وعند بلوغها الرابعة عشرة تزوجت من ابن أحد المستشارين بمحكمة الاستئناف، وقضت معها ما يقرب من سنتين، ثم انفصلت عنه، وعشقت الفن وكان صوتها جميلا، فاعتلت التخت بالإسكندرية
وعملت فى دور الملاهى والمقاهى، وأبدلت اسمها بالاسم الذى عرفت به، ونجحت فى هذه المهنة نجاحا ملموسا
تضيف «المصور» أن امتثال اشتهرت فى دور الملاهى، وشاهدتها السيدة مارى منصور فى الإسكندرية، فأقنعتها بالانتقال إلى صالتها بشارع عماد الدين بالقاهرة، وفيها بزغ نجمها، ثم انتقلت لفرقة بديعة مصابنى
وعرفت بين الراقصات بمهارتها فى اجتذاب القلوب واستمالة المعجبين، مما كان يدر عليها وعلى الصالة الربح الوفير، ثم تركت بديعة عام 1935، والتحقت «امتثال» بفرقة نجيب الريحانى، وتركته واستأجرت كازينو البوسفور وافتتحته يوم 2 مايو 1936
وبعد عشرين يوما وقعت جريمة قتلها
يؤكد: كانت أهم معاقل هؤلاء البلطجية هى عزبة الصفيح بالعباسية، وعزبة البراد فى شبرا، وعشش الترجمان والغلاية ببولاق، والترعة البولاقية فى بولاق، والخرطة الجديدة فى الخليفة، وزين العابدين فى السيدة زينب
ووثق هؤلاء البلطجية علاقاتهم بصغار ضباط الشرطة، وأصبح قسم الأزبكية فى الثلاثينيات يدار من الصالات التى اتخذها أعضاء عصابة البلطجية مقارا لهم يحتسون فيها الخمور بلا مقابل، ويحصلون الإتاوات من الراقصات والمومسات
وأصحاب الأنشطة المشابهة فيها، وكانت أشهر عصابة فى المنطقة هى عصابة فؤاد الشامى وشقيقه مختار
يذكر صبرى أبوالمجد : أثبتت التحقيقات فى جريمة مصرع امتثال أن هؤلاء الفتوات كانوا فتوات انتخابات أيضا، وأن مهنة الفتونة لا تقتصر على المصريين، بل كثير من الأجانب يحترفونها، تحت حماية الامتيازات الأجنبية المفروضة على البلاد وقتئذ
والطريف أن البلطجية كانوا يعملون بتسعيرة محددة، فتحطيم المنزل بخمسين قرشا، وإحداث إصابة بجنيه واحد، والعاهة المستديمة بعشرة جنيهات، أما التهديد الشفهى أو الكتابى فسعره مائة وخمسين قرشا
هذا عدا مصاريف أتعاب المحامى الذى يوكل للدفاع عن الجانى والإنفاق عليه طوال مدة سجنه