البخل العاطفي بين الزوجين

الأربعاء ٠٢ - يوليو - ٢٠٢٥
بقلم د. حسام الدين سامى
أمين التدريب والتثقيف بحزب العدل
إن الحياة الزوجية شراكة تقوم على المودة والرحمة، وهي تعد من الدعائم أساسية لاستمرارها وسعادتها .
ولكن، قد تتسلل بعض المشكلات التي تهدد هذه العلاقة المقدسة، ومن أخطرها البخل العاطفي. فما هو البخل العاطفي، وكيف يؤثر على العلاقة بين الزوجين، وما هي سببه، وكيف يمكن التغلب عليه؟
ما هو البخل العاطفي؟
البخل العاطفي ليس مجرد نقص في التعبير عن المشاعر، بل هو حرمان الشريك من الدعم العاطفي، والكلمات الطيبة، واللمسات الحنونة، والاهتمام، والتقدير. هو إمساك متعمد للمشاعر الإيجابية التي تغذي الروح وتُثري العلاقة. قد يتجلى ذلك في:
قلة او انعدام التعبيرات اللفظية
عدم قول "أحبك"، "أفتقدك"، "شكرًا لك"، أو أي كلمات تعبر عن التقدير أو الامتنان.
* الغياب الجسدي والنفسي: التواجد في نفس المكان دون مشاركة حقيقية، أو الانشغال الدائم عن الشريك.
* الإهمال العاطفي:
عدم الاهتمام بمشاعر الشريك، أو تجاهل احتياجاته العاطفية، أو التقليل من أهمية مشاكله.
* التجنب :
الابتعاد عن أي موقف يتطلب التعبير عن المشاعر أو المشاركة العاطفية.
*النقد الدائم أو السخرية:
بدلًا من الدعم والتشجيع، يكون هناك نقد مستمر أو سخرية من الشريك.
أسباب البخل العاطفي
تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى البخل العاطفي بين الزوجين، ومن أبرزها:
* النشأة والتربية:
قد يكون الشخص قد نشأ في بيئة تفتقر إلى التعبير العاطفي، مما يجعله غير معتاد على إظهار مشاعره.
* *سوء الفهم لمفهوم القوة :*
يعتقد البعض أن إظهار المشاعر ضعف، وأن القوة تكمن في كبتها وإخفائها.
* *الخوف من الرفض أو الخذلان:
قد يخشى البعض من أن يكون التعبير عن المشاعر سببًا في رفض الشريك لهم، أو أن يتم استغلالهم عاطفيًا.
* ضغوط الحياة والمسؤوليات :
قد تؤدي الضغوط اليومية والتفكير المستمر في الأعباء إلى إهمال الجانب العاطفي في العلاقة.
* الروتين والملل:
مع مرور الوقت، قد يتسلل الملل إلى العلاقة، مما يقلل من الرغبة في بذل الجهد العاطفي.
* مشكلات نفسية:
بعض المشكلات النفسية، مثل الاكتئاب أو القلق، قد تؤثر على قدرة الشخص على التعبير عن مشاعره.
تأثير البخل العاطفي على العلاقة الزوجية
للبخل العاطفي آثار مدمرة على العلاقة الزوجية، فقد يؤدي إلى:
* *تآكل المودة والرحمة :
يتلاشى الشعور بالحب والتعاطف تدريجيًا، ويحل محله الجفاء والتباعد.
* الشعور بالوحدة والعزلة:
يشعر أحد الطرفين أو كلاهما بالوحدة حتى في وجود الشريك، وكأن كل منهما يعيش في عالمه الخاص.
* فقدان الثقة والأمان:
يهتز أساس الثقة في العلاقة، ويزداد الشعور بعدم الأمان وعدم القدرة على الاعتماد على الشريك عاطفيًا.
* الخيانة الزوجية:
قد يبحث الطرف المحروم عاطفيًا عن الاهتمام والتقدير خارج إطار الزواج، مما قد يؤدي إلى الخيانة.
* الصراعات والمشكلات المتكررة :
يصبح التواصل صعبًا، وتتراكم المشاعر السلبية، مما يؤدي إلى زيادة الخلافات.
* انهيار العلاقة:
في النهاية، قد يصل البخل العاطفي إلى طريق مسدود، مما يؤدي إلى الانفصال أو الطلاق.
كيفية التغلب على البخل العاطفي
التغلب على البخل العاطفي يتطلب وعيًا وجهدًا من الطرفين، ويمكن البدء بالخطوات التالية:
* *المصارحة والحديث الصريح:
*
يجب أن يتحدث الزوجان بصراحة عن مشاعرهما واحتياجاتهما العاطفية، وأن يعبرا عن الألم الذي يسببه البخل العاطفي.
* التعلم والتوعية :
قراءة الكتب حول أهمية التعبير العاطفي في العلاقات، وفهم أن إظهار المشاعر ليس ضعفًا.
* التعبير عن المشاعر بانتظام :
البدء بخطوات صغيرة في التعبير عن المشاعر، مثل قول "شكرًا لك" على أمر بسيط، أو "أحبك" بشكل يومي.
* الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة :
تذكر المناسبات الخاصة، تقديم الهدايا الرمزية، إعداد وجبة مفضلة، أو أي لفتة بسيطة تعبر عن الاهتمام.
* قضاء وقت معًا:
تخصيص وقت منتظم للحديث والمشاركة، بعيدًا عن أي مشتتات، والتركيز على تقوية العلاقة.
* *البحث عن مساعدة متخصصة* :
في حال استعصاء المشكلة، قد يكون اللجوء إلى مستشار أسري أو معالج نفسي مفيدًا جدًا لمساعدة الزوجين على تجاوز هذه الأزمة.
* التفهم والصبر
يجب أن يتفهم كل طرف أن التغيير يستغرق وقتًا وجهدًا، وأن يتحلى بالصبر والمرونة.
إن العلاقة الزوجية كالنبتة، تحتاج إلى رعاية وسقاية دائمة لتنمو وتزهر. والبخل العاطفي هو بمثابة الجفاف الذي يقتلها ببطء. لذا، لضمان استمرار الدفء والحب في عش الزوجية، يجب أن يسعى الزوجان جاهدين لسقي هذه النبتة بالحب والاهتمام، وأن يتخلصا من قيود البخل العاطفي ليحيا بحياة زوجية سعيدة ومستقرة.