الرحمة… الإنسانية التي نكاد نفقدها

السبت ٣٠ - أغسطس - ٢٠٢٥
بقلم: د. فريد شوقي
في زمنٍ امتلأ بالسرعة والضوضاء، صارت القلوب أكثر قسوة والعقول أكثر انشغالًا… حتى أوشكنا أن نفقد أهم ما يميزنا كبشر: الرحمة.
الرحمة التي إذا غابت، تحوّلنا إلى أجساد تتحرك بلا روح، وأرقام تسير بلا معنى.
أين ذهبت الرحمة؟
أصبحت المصالح المادية تطغى على كل شيء، حتى نسينا أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن الرفق بالآخرين أرقى درجات الإنسانية.
أحيانًا أُسائل نفسي: كيف وصل بنا الحال أن نرى محتاجًا ولا نمد له يد العون؟ أو نرى ضعيفًا ولا نرحمه؟
هنا فقط أشعر أننا خسرنا شيئًا أثمن من أي ثروة… خسرنا قلوبنا.
كيف نعيدها؟
إحياء الرحمة لا يحتاج خطابات طويلة ولا مؤتمرات كبيرة… بل يحتاج بداية بسيطة من داخل كل واحد فينا:
بابتسامة في وجه عامل بسيط.
بصبر على أبنائنا في لحظة خطأ.
ببرّ والدينا قبل أن نفقدهما.
وبسؤال عن جار أو قريب يشعر بالوحدة.
حين نُعيد هذه التفاصيل الصغيرة إلى حياتنا، سنكتشف أن الرحمة لم تختفي… بل كانت تنتظر من يوقظها.
رسائل إيجابية
لا تظن أن الرحمة ضعف… بل هي قمة القوة.
كل فعل رحيم هو رصيد في قلبك قبل أن يكون في ميزان حسناتك.
لا تنتظر من غيرك أن يبدأ… ابدأ أنت، فالأثر يتضاعف.
الرحمة في الرسالات السماوية
لم تأتِ الأديان إلا لتذكّرنا أن الله رحيم بعباده، وأن علينا أن نكون رحماء ببعضنا:
قال رسول الله ﷺ:
«الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
وقال السيد المسيح عليه السلام:
“طوبى للرحماء، لأنهم يُرحمون” (متى 5:7).
وفي التوراة جاء:
“لا تقهر الغريب ولا تضايقه، فإنكم كنتم غرباء في أرض مصر” (الخروج 22:21).
رسالة واحدة بلُغات مختلفة… أن الرحمة جوهر الإيمان وجوهر الإنسان.
كلمة أخيرة
إذا أردنا أن نستعيد إنسانيتنا، فلنبحث عن الرحمة داخلنا… نُحييها في بيوتنا، ونمارسها في شوارعنا، ونعلّمها لأولادنا.
حينها فقط سنشعر أن الدنيا ما زالت بخير، وأن الإنسان ما زال يستحق أن يُسمى إنسانًا