الصبر أعلى درجات النضج البشري

الجمعة ١٥ - أغسطس - ٢٠٢٥
بقلم : نيفين ياقوت
عندما خلق الله سيدنا آدم عليه السلام ثم نفخ فيه من روحه لم ينتظر حتى تسري روحه في سائر جسده لكي ينقض على الشجرة ويأكل من ثمارها قبل أن يُؤذن له.
فتعجل وتعجل بنو البشر من بعده . وقد أخبرنا المولى عز وجل في قوله تعالى "وَخُلِقَ الإِنسَانُ عَجُولًا" ورد في سورة الأنبياء، الآية (37) ، وعَجُولًا" صيغة مبالغة من كلمة "عَجِلَ"، أي كثير العجلة. فكانت الفطره البشريه تميل إلى الإستعجال أي أن الإنسان يريد حصول الأشياء بسرعة قبل أوانها، ولا يصبر على تأخر ما يحب أو تأخر الفرج ، وقد يستعجل النتائج قبل اكتمال أسبابها . وقال بعض المفسرين: خُلق هكذا ابتلاءً وامتحانًا، ليجاهد نفسه على الصبر والتأني.لأن العجلة قد تؤدي إلى الأخطاء أو الندم.
ولذلك فإن أهم ما يتصف به المؤمنين التحلي بالصبر الذي يعتبر أعلى درجات النضج البشري .
ومن المؤسف أننا نعيش في هذا العصر أخطر مظاهر الاستعجال التي تتمثل في حوادث الطرق فلقد كثرت وتزايدت بشكل يومي و تحدث في صورة تجاوز إشارات المرور وتكرار تجاوز السيارات بشكل متهور وعدم انتظار المشاة لعبور الطريق ،والسرعة الزائدة لتوفير دقائق أو الانشغال بالهاتف أثناء القيادة أو قيادة الدراجة أو الموتوسيكل بسرعة وسط الزحام أو سائق يتجاوز في طريق ضيق أو منحني لأنه مستعجل، فيفاجأ بسيارة قادمة من الاتجاه الآخر.
ولقد وقع مؤخراً حادثاً مروعا في الإسكندرية بسبب الاستعجال على طريق الكورنيش بمنطقة الشاطبي عندما دهست سياره ميكروباص عائلتين كاملتين كانوا يعبرون الشارع بعد قضاء يوم كامل على الشاطئ وعندما قرروا العوده الى مساكنهم لم يطيقوا الانتظار أو التأني أو الالتزام بقواعد المرور في هذا الطريق الواسع على طريق الكورنيش ، فلا تتوقف فيه السيارات السريعه التي تصل سرعتها إلى 60 كيلو حسب قانون المرور ولم يخطر على بال هؤلاء المنكوبين أنه يوجد أنفاق يجب عبور الطريق من خلالها ويوجد ايضا إشارة مرور قريبه منهم ، كل هذا في منطقة الحادث .. لكنهم تعجلوا واصروا على تخطي الشارع متوقعين أن تقف لهم السيارات المنطلقه سريعاً و تتمكن من الفرمله المفاجئه.. لكن مع الأسف والندم حدثت المصيبة في لمح البصر عندما تفاجأ السائق بمرورهم البطئ في عرض الطريق . الأمر الذي أدى إلى دهس اثنان منهم وتوفيا في لحظه ونقل سبعه الي المستشفي في حالة حرجه .
لقد قضى هؤلاء الضحايا ساعات طويله على البحر ،، وعندما قرروا العوده لم يصبروا لانتظار إشارة المرور أو السير تجاه النفق لعبور الطريق بأمان . انقلب الحال الي حال في غمضه عين . أسأل الله العظيم أن يلطف بهم ويرحمهم ويربط على قلوب ذويهم .
إن الإنسان الناضج هو الذي يدرك أن التأني والصبر من الأخلاق العظيمة التي حثّ عليها الإسلام وجعلها من علامات الحكمة وكمال العقل، قال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}. فالتأني يمنح الإنسان فرصة للتفكير العميق قبل اتخاذ القرار، ويجنبه الوقوع في الأخطاء الناتجة عن التسرع أو يعيش الندم الذي لا علاج منه .