المنطقة على صفيح ساخن: الصراع الإيراني الإسرائيلي وموقع مصر بين الحكمة والمصالح

الإثنين ١٦ - يونيو - ٢٠٢٥
بقلم: د. فريد شوقي المنزلاوي
عضو الهيئة العليا لحزب العدل
ومرشح لمجلس النواب – دائرة المنتزه
مع كل تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل، ترتفع نبرة القلق الإقليمي والدولي، وتُطرح مجددًا الأسئلة المؤجلة: هل نحن أمام حرب شاملة قد تخرج عن السيطرة؟ وما موقف الدول العربية، وعلى رأسها مصر، من هذا الصراع المتمدد والمتعدد الجبهات؟
لقد شهدنا خلال الأشهر الماضية تحولات لافتة في طبيعة الاشتباك بين طهران وتل أبيب. فبعد سنوات من “حرب الظل” التي اقتصرت على الساحة السورية والهجمات السيبرانية والاغتيالات المتبادلة، انتقل الطرفان إلى مستوى أكثر مباشرة: هجمات جوية، مسيرات، استهدافات دقيقة داخل العمق الجغرافي لكل منهما.
ومع أن الطرفين يُدركان جيدًا حجم الخسائر المترتبة على حرب مفتوحة، فإن منطق الردع المتبادل قد لا يكون كافيًا دائمًا لكبح جماح الانفجار، خاصة في ظل تنامي الأدوار غير المباشرة لوكلاء الطرفين في غزة ولبنان والعراق واليمن.
أين تقف مصر من كل هذا؟
مصر ليست طرفًا مباشرًا في هذا الصراع، لكنها معنية – بحكم الجغرافيا والتاريخ والسياسة – بكل ما يحدث في هذه المنطقة شديدة التوتر. فمنذ عقود، اختارت مصر أن تلعب دور صانع التوازن، لا طرفًا في المحاور المتصارعة.
وفي ظل هذا التصعيد، تبدو المصلحة الوطنية المصرية واضحة: الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ومنع أي انزلاق نحو حرب شاملة قد تضر بأمن البحر الأحمر، وتؤثر على قناة السويس، وتضغط على اقتصاد هش يعاني أصلًا من تداعيات عالمية سابقة.
إن مصر، التي عززت علاقاتها مع دول الخليج، وتحافظ على علاقات متزنة مع إيران، وتجمعها اتفاقيات سلام راسخة مع إسرائيل، قادرة – إذا أُحسن توظيف أوراقها – على أن تلعب دورًا دبلوماسيًا حاسمًا في تقليل التصعيد وطرح حلول وسط تحفظ ماء الوجه للطرفين.
التحدي الحقيقي: الاقتصاد والسيادة
في النهاية، فإن الحرب – حتى لو بقيت محدودة – ستؤثر على أسعار الطاقة، وأسواق السلع، ومسارات التجارة، ما يضع تحديًا حقيقيًا أمام الحكومة المصرية في ضبط السوق، ومنع موجة تضخم جديدة.
كما أن أي تصعيد في البحر الأحمر من جانب الحوثيين سيهدد الملاحة الدولية، وهو ما قد يتطلب تنسيقًا إقليميًا عاجلًا لحماية أحد أهم شرايين الاقتصاد المصري: قناة السويس.
خلاصة المقال
الصراع الإيراني الإسرائيلي ليس مجرد نزاع ثنائي، بل هو انعكاس لصراع طويل على النفوذ والهوية في الشرق الأوسط.
ومصر، التي اختبرت مرارات الحروب، تدرك جيدًا أن السلام ليس ضعفًا، بل خيار الأقوياء.
وبين منطق الاصطفاف، ومنطق المصلحة، اختارت مصر دومًا العقل.
وعلينا جميعًا – كصناع رأي، ومواطنين، وصنّاع قرار – أن نحمي هذه البوصلة من الانحراف، لأن المعركة القادمة، إذا اشتعلت، لن ينجو منها أحد.