الأربعاء ١٧ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
06:30:27pm

الموت والمرض يحاصران غزة.. الجوعى يتبرعون بالدم دون فحص

الأربعاء ١٧ - سبتمبر - ٢٠٢٥

للمعاناة وجوه كثيرة «ذلك ما ينطبق حرفيا على أهالى قطاع غزة الذين حكم عليهم بالعيش

وسط الحرب والحصار ومنع وصول الإمدادات الغذائية والطبية

 

حكم على أهالى غزة أيضا بمشاهدة جرحاهم وذويهم وهم يتألمون ليتجرعوا إحساس العجز وقلة الحيلة

وهم على وشك التحول إلى أرقام فى سجلات الضحايا التى تدون بها مئات الأسماء بفعل المذابح

الصهيونية المتكررة دون أن يملكوا انقاذا نتيجة النقص الحاد فى بنوك الدم ومواد الفحص المختبرية

 

وكشف الأطباء عن مفاجئة صادمة وهى الحصول على جرعات الدم من المتبرعين دون اتباع للمعايير

المعتمدة من منظمة الصحة، حيث يتم الحصول على الدم دون فحص بسبب نقص المعدات

 

ويقول الأطباء، أن 65% من مواد الفحص المخبرى الأساسية أصبح رصيدها صفرا، و53% من

المستهلكات والمستلزمات المخبرية رصيدها صفر، كما أن الفحوصات الأساسية المستخدمة فى

أقسام الطوارئ، والعناية المركزة، وحضانات الأطفال نفدت بالكامل من مخازن المختبرات وبنوك الدم

بحسب ما أكدته الدكتوره سحر غانم مدير المختبرات الطبية وبنوك الدم بغزة وأكدت عليه

وزارة الصحة الفلسطينية فى بيان لها

 

تحتاج بنوك الدم يوميا إلى حوالى 3000 وحدة دم لعلاج الجرحى والمصابين من الاعتداءت الصهيونية

ما يدفع العديد من الأطباء إلى القبول بالأستثناءت وعدم اتباع الاشتراطات الصحية فى جرعات الدم

التى يحصلون عليها من المتبرعين والمتطوعين بهدف انقاذ المصابين والجرحى

 

التبرع المتتالى.. تلك الأوضاع القاسية دفعت المواطنين هم أيضا إلى التغاضى عن الاشتراطات الصحية

وقاموا بالتبرع المتتالى بهدف إنقاذ ذويهم وأحبائهم ومنهم «ح. د» الذى تبرع بدمة لإنقاذ 4 حالات

خلال فترات زمنية متقاربة منهم 3 من أقربائه والرابع كان أحد أصدقائه على الرغم أن الحد الفاصل

بين كل تبرع وآخر لا يمكن أن يقل عن ثلاثة إلى أربعة أشهر

 

ويقول « ح. د» الذى رفض ذكر اسمه: نعانى فى غزة من أوضاع مأساوية وبالغة السوء فالحصار

والعدوان الإسرائيلى الذى يرفض دخول المساعدات الغذائية تسبب فى إصابة العشرات بالهزال الشديد

بل وصل الأمر إلى وفاة العديدين بسبب الجوع ومع ذلك نسعى بكل ما أوتينا من قوة لإنقاذ أهلنا

وأحبابنا بدمائنا حتى لو مثل ذلك خطورة ولكننا لن نتركهم يواجهون الموت

دون تدخل أو محاولة لإسعافهم وإنقاذهم

 

قصة أخرى تكشف عن المعاناة التى يلاقيها الأهالى فى غزة وإقبال البعض على التبرع برغم ما يعانونه

من جوع وسوء تغذية ومنهم «صادق» الذى توجه إلى أحد المراكز الطبية للتبرع بالدم استجابة منه

للنداءت العديدة التى يرسلها العاملون بالمنظومة الطبية وبعض المتطوعين عبر مكبرات الصوت

التى تجوب الأحياء وتهرول فى الطرقات بحثا عن متبرعين بالدم لإنقاذ المصابين

 

ويقول «صادق»: خلال تواجدى فى خيمتى بمركز الإيواء الخاص بالنازحين سمعت النداءت المتكررة

والملحة والتى تصرخ عبر مكبرات الصوت تحث المواطنين على التبرع بالدم لإنقاذ الضحايا الذين

يتزايدون ساعة تلو الأخرى بسبب الجرائم والمذابح الصهيوينة فتوجهت إلى أحد المراكز الطبية

للتبرع بالدم محاولا التغلب على الإرهاق والهزال نتيجة الجوع الذى ترك آثاره على جسدى من

وهن وضعف شديد بهدف التبرع بالدم وما إن وصلت حتى ألقيت جسدى على أقرب مقعد وجاءت

إلى إحدى العاملات تسأل عن حاجتى فأخبرتها عن رغبتى فى التبرع بالدم

 

ترددت فى سحب العينة نظرا للضعف الذى أبدو عليه ثم استجابت بعد إلحاح منى وتزايد أعداد المصابين

الذين يتوافدون بشكل متتال على المركز لتلقى العلاج

 

الأطباء ضمن المخالفين.. لم يكن المواطنون فى غزة هم أصحاب المبادرة فقط فى التوجه إلى بنوك الدم

للتبرع برغم ما يعانونه من ضعف ووهن بأجسادهم بل كان هناك العديد من الأطباء يحاولون بكل

الطرق إنقاذ الوافدين على المركز الطبى من الجرحى

 

من هؤلاء «الطبيب صهيب»، الذى انتشرت قصته على نحو واسع بين العاملين فى الدائرة الطبية

وحاز شهرة واسعة ليس لمهارته وتفانيه فى العمل فقط بل بسبب محاولته المستميتة، فى إنقاذ أحد

المصابين وتعريض حياته للخطر من خلال تبرعه بالدم لأحد المصابين وكان يحتاج إلى نقل دم

بصوره عاجلة، وعلى الرغم من الضعف والهزال الشديد سارع للمخاطرة بحياته والتبرع بالدم بسبب

العجز الكبير فى رصيد بنك الدم بالمستشفى الذى يعمل به

 

وقال صهيب: «كان هناك تردد من إحدى العاملين بالوحدة الطبية بسبب حالة الضعف التى أبدو عليها

ولكنها بدأت فى سحب الدم بدون أى فحوص، وبعد دقائق قليلة بدأ الدوار والإرهاق وتصبب العرق

مع شعور بالغثيان والدوخة، وهى الأعراض التى أعقبت التبرع بالدم بدون تغذية

 

ويقول الطبيب: لم يكن بوسعى سوى المخاطرة وسحب عينات دم من جسدى الواهن نتيجة

الجوع رغم أن ذلك مخالفا للبروتوكول الخاص بمنظمة الصحة العالمية

ولكن لا يمكن أن نترك أهلنا للموت دون تدخل

 

«عزام فايق» كان قبل عامين فقط شاب رياضى يتمتع بجسد قوى ونشاط بسبب حرصه على

ممارسة الرياضة وخاصة الألعاب القتالية والجرى لمسافات طويلة قبل أن يتوقف تماما عن

ممارسة تلك الأنشطة نتيجة الحرب وتهدم منزله والنزوح بجانب الجوع الشديد

نتيجة الحصار المفروض من العدو الصهيونى

 

ورغم ما أصاب جسد «عزام» من ضعف وهزال، فإن ذلك لم يمنعه عن ممارسه عادته

القديمة وهى حرصه على التبرع بالدم من آن لآخر وخلال هذه الفترة يحرص

«عزام على التبرع» أكثر من مرة بشكل متقارب برغم شعور الإعياء الذى

يصاحبه عقب كل مرة من التبرع بالدم

 

ويقول «عزام»: حضرت إلى المركز وكانت مظاهر الإعياء واضحة فى الإرهاق والضعف

والجوع الشديد ورغم ذلك تبرعت بوحدة دم كاملة بدون أى فحوصات

بهدف مساعدة إخوانا على الشفاء

 

وتابع عزام: كلنا نعانى ونعيش ظروفا صعبة من مذابح يومية وقتل عشوائى وتجويع

وحصار فضلا عن العيش فى بيئة غير صالحة من مياه ملوثة وقمامة منتشرة بكل مكان

حتى بنوك الدم تعانى من عجز شديد ولا نستطيع علاج أحبائنا من المصابين والجرحى



موضوعات مشابهه