الخميس ٠٢ - أكتوبر - ٢٠٢٥ القاهرة
01:54:21am

ترامب يساوم على فلسطين… ونحن نقول له: الوطن لا يُباع

الخميس ٠٢ - أكتوبر - ٢٠٢٥

مرة أخرى، يحاول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن يفرض على العالم ما يسميه “خطة سلام”، بينما هي في حقيقتها خطة إذعان، تلبس ثوب المبادرات الدبلوماسية لكنها تحمل في جوهرها انحيازًا فجًّا للاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني المظلوم منذ عقود.

كيف يمكن أن يُسمى هذا العرض “سلامًا” وهو يبدأ بشطب حقوق أساسية للفلسطينيين؟
كيف يكون “حلًّا” وهو يطالب الضحية بنزع سلاحها والتخلي عن حُكمها، بينما يُبقي المحتل مسيطرًا على الأرض والسماء والحدود؟

إن العرض الذي يلوّح به ترامب اليوم ليس أكثر من نسخة مشوهة من “صفقة القرن” سيئة الذكر:
• يعطي إسرائيل كل شيء: الأمن، السيطرة، الشرعية.
• ويأخذ من الفلسطينيين كل شيء: الأرض، المقاومة، وحتى حقهم في تقرير مصيرهم.

هذه ليست صفقة، بل استهزاء بالعدالة، وإهانة للقانون الدولي، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية بغطاء دبلوماسي رخيص.

لماذا هذا العرض خطير وغير عادل؟
1. انحياز مطلق لإسرائيل: كل البنود الأساسية تخدم أمن الاحتلال وتُكرّس وجوده، دون أي ضمان للفلسطينيين بدولة ذات سيادة حقيقية.
2. تجريد الفلسطيني من أدوات الدفاع: نزع سلاح المقاومة، مع إبقاء جيش الاحتلال حرًا في اجتياح أي منطقة متى شاء.
3. إلغاء جوهر القضية: لا ذكر حقيقي للقدس كعاصمة فلسطينية، ولا لحق العودة، ولا لحدود 1967.
4. مقايضة الحقوق بالوعود: وعود بإعمار غزة ومشاريع اقتصادية، كأن الأرض والوطن والكرامة تُقاس بالدولار.

رسالتي كسياسي ومفكر

إننا نُدين هذا العرض المشبوه بكل قوة، وندعو المجتمع الدولي وأحرار العالم لرفضه، لأن القبول به ليس سوى فتح باب لجحيم إقليمي جديد، يُهدد الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، وعلى رأسها الأمن القومي المصري والعربي.

لكن في الوقت نفسه، نحن نؤمن أن الشعب الفلسطيني ليس ضعيفًا، وأنه كما أفشل مؤامرات سابقة، قادر على إسقاط هذه الصفقة الجديدة. القضية الفلسطينية ستبقى قضية حرية وعدالة، لا ورقة مساومة على طاولة ترامب.

كلمة أخيرة

ترامب يستطيع أن يبيع ويشتري في الأسواق، لكنه لن يستطيع أن يبيع قضية أمة حيّة.
الصفقات قد تخدع الساسة، لكنها لن تخدع شعوبًا دفعت دماءها ثمنًا لحريتها.
والتاريخ لا يرحم… سيسجَّل أن هذا العرض كان صفحة سوداء، بينما تبقى فلسطين عنوانًا للصمود والكرامة.

د.فريد شوقي
الكاتب والمفكر والمحلل السياسي



موضوعات مشابهه