دور متنامٍ للكنائس فى تمكين الشباب والأمهات من الرعاية الروحية إلى التنمية الاقتصادية
الأحد ٠٩ - نوفمبر - ٢٠٢٥
لطالما كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر أكثر من مجرد مؤسسة دينية تهتم
بالرعاية الروحية لأبنائها، فمنذ عقود، توسع دورها ليشمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية هامة، مستلهمة
من تعاليم الإيمان المسيحي التي تؤكد على أهمية مساعدة المحتاجين والفقراء
وفي ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، خاصة بالنسبة لفئتي الشباب والأمهات المعيلات
تحولت الكنيسة إلى شريك فاعل في التنمية، لا يقتصر دوره على تقديم الإعانات المادية، بل يمتد إلى
بناء قدرات الأفراد وتمكينهم اقتصاديًا
أصبحت الكنيسة، من خلال لجانها ومؤسساتها المختلفة توفر فرصًا للعمل، وتمول مشاريع صغيرة
وتقدم قروضًا ميسرة، وتبرم بروتوكولات تعاون مع مؤسسات حكومية ومدنية، بهدف إيجاد حلول
مستدامة لمشاكل البطالة والفقر
هذا التقرير يسلط الضوء على أبرز هذه الخدمات الاقتصادية التي تقدمها الكنيسة، مع أمثلة ملموسة
وأرقام وإحصائيات توضح حجم هذا الجهد وفاعليته
قروض المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر
وتعتبر برامج القروض الميسرة التي تقدمها الكنيسة من أهم أدواتها في التمكين الاقتصادي
تختلف هذه القروض عن القروض البنكية التقليدية في كونها خالية من الفوائد، أو بفوائد رمزية جدًا
وتُمنح بشروط ميسرة للغاية. تستهدف هذه البرامج بشكل رئيسي الشباب الراغبين في بدء
مشاريعهم الخاصة، والأمهات المعيلات اللاتي يسعين لتوفير دخل مستقر لأسرهن
مشروع الكرمة": أحد أشهر المشاريع التابعة للخدمة الاجتماعية بالكنيسة، يوفر قروضًا دوارة لمئات الشباب
والأمهات، خاصة في صعيد مصر والقرى الفقيرة. تُمكّن هذه القروض من شراء أدوات حرفية
أو حيوانات لتربية الماشية، أو بضائع بسيطة للتجارة. تبدأ قيمة القروض من بضعة آلاف جنيه وتُسدد
على أقساط مريحة، مما يضمن استمرارية المشروع
مؤسسة "سانت مارك للتنمية": تعمل هذه المؤسسة تحت رعاية الكنيسة وتقدم قروضًا متناهية الصغر
لأصحاب الحرف اليدوية والمشاريع الصغيرة. تركز على التمكين المهني، وتوفر تدريبات فنية قبل
تقديم القرض، مما يزيد من فرص نجاح المشروع
خدمات الإسكندرية: في نطاق إيبارشية الإسكندرية، تُقدم لجان الخدمة قروضًا صغيرة للمقبلين على الزواج
لمساعدتهم في تأسيس حياتهم، وللشباب لإقامة مشاريع بسيطة مثل
ورش النجارة أو الخياطة أو محلات البقالة الصغيرة
برامج التدريب المهني وتوفير فرص العمل
ولا يقتصر دور الكنيسة على الدعم المادي فقط، بل يتجاوزه إلى بناء الكفاءات المهنية لدى الشباب
والفتيات، مما يؤهلهم لسوق العمل. تعمل العديد من المؤسسات الكنسية على إقامة ورش عمل
ومراكز تدريب مهني في مختلف المحافظات
مراكز التدريب الحرفي: تُنشئ الكنيسة مراكز لتعليم الحرف اليدوية مثل النجارة، والسباكة، والكهرباء
والخياطة، والتطريز، وصناعة السجاد. تستهدف هذه المراكز بشكل خاص الشباب الذين لم يكملوا
تعليمهم الأكاديمي، أو الفتيات اللاتي يفضلن العمل من المنزل. تُقدم هذه الدورات مجانًا أو برسوم رمزية
وتُمنح شهادات للمشاركين لتوثيق مهاراتهم
مبادرات التشغيل: بعض المؤسسات الكنسية تتعاون مع شركات ومصانع لتوظيف الشباب الذين
تم تدريبهم، مما يضمن لهم فرصة عمل حقيقية بعد انتهاء الدورة التدريبية
مشاريع "الإنتاج من المنزل": تُشجع الكنيسة الأمهات المعيلات على إنتاج منتجات منزلية مثل
المأكولات والمخبوزات والمشغولات اليدوية، وتساعدهن في تسويق هذه المنتجات عبر المعارض
التي تقيمها، أو من خلال العلاقات مع الأسواق المحلية
دعم مشاريع "الاستدامة".. من التبرعات إلى التنمية الذاتية
تتحول الكنيسة تدريجيًا من تقديم الدعم المباشر (مثل توزيع المساعدات النقدية أو الغذائية)
إلى دعم المشاريع التي تحقق الاستدامة الاقتصادية. وهذا يعني أن المساعدات لا تذهب فقط لتغطية
الاحتياجات الفورية، بل لتمكين الأفراد من توليد دخل مستمر
مشاريع تربية الحيوانات: تُمنح الأسر الفقيرة حيوانات (مثل الأبقار أو الأغنام) لتربيتها والاستفادة من
ألبانها ومنتجاتها أو بيع صغارها، مما يوفر دخلًا مستمرًا
المشاريع الزراعية الصغيرة: في المناطق الريفية، يتم دعم الأسر لتأجير قطع أراضٍ صغيرة وزراعتها
بالمحاصيل التي توفر لهم الاكتفاء الذاتي ودخلًا إضافيًا


