رسالة من القلب بعد واقعة المسن الذي ضُرب
الأحد ٢٦ - أكتوبر - ٢٠٢٥
تابعت ما حدث للمسن المكلوم…
وشاهدت الفيديو الذي أبكى قلبي قبل أن تبكي عيني،
لم يكن مجرد مشهد عابر، بل طعنة في ضمير الإنسانية،
وصفعة على وجه كل من فقد الرحمة في قلبه.
يا الله…
أي زمن هذا الذي يُهان فيه الشيب بعد أن كانوا تاجًا على الرؤوس؟
أي قسوة هذه التي تجعل يدًا تمتد على جسد أنهكه المرض والعمر؟
لقد بكيتُ لأن ما رأيته لم يكن عجوزًا يُضرب،
بل أبًا يُهان… وكهولة تُكسر… وإنسانية تُذبح على مرأى الجميع.
أين ذهبت أخلاقنا؟
أين اختفت المروءة والحياء والرحمة؟
لقد تربينا أن الكبير يُوقَّر، وأن الضعيف يُحترم،
وأن من أخطأ نردّه بالكلمة الطيبة لا بالإهانة ولا بالبطش.
ما رأيناه ليس تجاوزًا فرديًا،
بل ناقوس خطر يدقّ في وجدان كل بيت مصري،
يُذكّرنا بأننا إن خسرنا الأخلاق… خسرنا الوطن كله.
ومع ذلك، وسط الألم كان هناك ضوء
رجال وزارة الداخلية تحركوا بسرعةٍ وحزم،
وجاءوا بحق المسن المظلوم،
ضربوا بيدٍ من حديد على من تجرّأ على القيم قبل أن يتجرّأ على إنسان.
فشكرًا لهم… لأنهم أعادوا الأمل في قلوبنا،
وأثبتوا أن العدل ما زال قائمًا، وأن الدولة لا تنام إذا بكى مظلوم.
أيها الأصدقاء…
كل واحد فينا مسؤول.
مسؤول عن تربية بيته، عن كلماته، عن ما ينشره على صفحاته.
فلنحوّل صفحاتنا إلى منابر للنور،
إلى مدارس للأدب، ومواطن لتربية الضمير.
علّموا أبناءكم أن الرجولة ليست بالصوت العالي، بل بالكلمة الطيبة.
وأن الشجاعة ليست في الاعتداء، بل في كظم الغيظ وضبط النفس.
وأن من يرحم الناس، يرحمه الله في الدنيا والآخرة.
فلنزرع في قلوب الناس احترام الكبير ورحمة الصغير،
وإحسان التعامل مع الجار والمستأجر والضعيف.
ولنرفض جميعًا كل مظاهر البلطجة الأخلاقية والانحدار السلوكي،
فمن مات ضميره، مات وطنه.
إن بناء الأوطان لا يبدأ بالمشروعات فقط،
بل يبدأ من ضمير كل إنسان… من قلبٍ يعرف أن الكلمة الطيبة صدقة،
وأن النظرة الرحيمة عبادة، وأن الرفق زينة الأقوياء لا ضعف الضعفاء.
تحيا مصر…
بكل قلبٍ رحيم، وبكل ضميرٍ صاحٍ، وبكل يدٍ تمتدّ للخير لا للأذى
وتحيا الأخلاق التي تبني الإنسان قبل البنيان،
وتحفظ للوطن هيبته وللكبير كرامته وللرحمة مكانها في قلوبنا
د.فريد شوقي


