الخميس ٢٥ - ديسمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
10:16:40am

كيف تواجه المرأة العنف الأسري: رحلة نفسية شجاعة وسط نظرة مجتمع قاسية

الثلاثاء ٠٩ - ديسمبر - ٢٠٢٥

بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان
بمناسبة ال١٦ يوم لمناهضة العنف ضد المرأة اقدم هذا المقال لساعد اي امراة لمواجهة التحديات التي تعيش فيها

العنف الأسري مش مجرد مشكلة فردية، لكنه تجربة تهز قلب المرأة وتغير نظرتها لنفسها وللحياة كلها. وفي مجتمع بيحكم بسرعة، ويفهم ببطء، بتلاقي المرأة نفسها بتصارع على جبهتين: جبهة داخل البيت، وجبهة خارج البيت. وده المقال اللي بيحكي الحقيقة اللي ساعات بنخاف نقولها… بأسلوب بسيط وواقعي.

: العنف الأسري… صدمة مش مجرد موقف

العنف مش بس “ضربة” أو “إهانة”، ده إحساس بالانكسار.
لما تتعرض المرأة للأذى من أقرب الناس، عقلها بيبدأ يدخل في دوّامة:

هل أنا السبب؟

ليه بيحصل ده؟

هو أنا فعلاً قليلة؟

الإسئلة دي بتتكرر جواها من غير ما تنطق بيها، ومع الوقت يتحول الألم النفسي لوجع ساكن جوّه الروح… وجع صامت محدش بيسمعه.

: آثار نفسية بتعيش جواها سنين

العنف الأسري بيغير كتير في طريقة المرأة بتشوف بيها نفسها:

1) انخفاض تقدير الذات

تحس إنها أقل من غيرها، وإنها مش قادرة تاخد قرار بسيط في حياتها.

2) الخوف الدائم

الخوف يتحول لعادة… دايمًا مستنية حاجة وحشة تحصل، حتى لو الدنيا هادية.

3) انعزال اجتماعي

بتتجنب الناس، أو تبطل تحكي لحد، وكل الكلام جواها يتحول لصمت تقيل.

4) تأنيب ضمير غير مفهوم

تشيل مسؤولية حاجة مش ذنبها… وتحاسب نفسها كل يوم.

: المجتمع… بين التعاطف والاتهام

المجتمع ساعات بيمد إيده للمرأة… وساعات بيسحبها فجأة.

1) نظرة اللوم

في بعض الأماكن، المرأة اللي تتكلم عن العنف بيتقال عليها:

“مكبّرة الموضوع”

“ده بيتك واستحملي”

“العيال ذنبهم إيه؟”

فتلاقي نفسها بدل ما تاخد دعم… بتاخد اتهام.

2) نظرة الشفقة

وده نوع تاني من الألم.
الست مش عايزة حد يشفق عليها… هي عايزة حد يفهمها ويحترم شجاعتها.

3) خوفها من كلام الناس

أكتر حاجة بتوجعها مش الضربة… لكن كلمة:
“دي السبب… لو كانت عاقلة ما كانش حصل.”
وهنا بتتضاعف جروح النفس… لأنها بتدافع عن نفسها جوّه بيتها وبرّة بيتها.

: كيف تقدر المرأة تواجه العنف نفسيًا؟

المواجهة مش معناها تتحدى فجأة وتكسر القيود… المواجهة خطوات صغيرة بس قوية:

1) الاعتراف الداخلي بالمشكلة

أول خطوة إنها تقول لنفسها:
“أنا مش غلطانة… وأنا أستاهل أمان واحترام.”

لما تستوعب ده، جزء كبير من الألم الداخلي يبدأ يخف.

2) بناء شبكة دعم صغيرة

سواء صديقة، أخت، أم، أو مختص نفسي… أي حد تقدر تحكيله بأمان بدون حكم.
الكلام بيريّح جدًا وبيفك عقد كتير.

3) استعادة قوتها النفسية

من خلال:

كتابة مشاعرها

ممارسة نشاط بتحبه

قراءة عن العلاقات الصحية

فهم حقوقها

القوة مش لازم تكون مواجهة مباشرة… القوة ممكن تكون وعي وصمت ثابت.

4) عدم تبرير العنف

أخطر نقطة إن المرأة تقنع نفسها:

“هو كان متعصب بس.”

“أنا اللي ضايقته.”

“هتتحسن بعدين.”

ده بيكسرها من جوه ويطول مدة الألم.
5) طلب المساعدة المتخصصة

الاستشارة النفسية مش عيب… بالعكس، هي طوق النجاة اللي بيمنع الانهيار.

: المجتمع… دوره الحقيقي

لو المجتمع عايز يحمي المرأة ويساعدها تواجه، لازم يعمل حاجتين:

1) يصدقها

أكتر حاجة بترجع للمرأة كرامتها إنها تلاقي حد يسمعها بدون شك.

2) يشيل وصمة الخوف

لازم يبقى في احترام لأي ست قررت تقول “كفاية”.
دي مش ضعيفة… دي شجاعة لدرجة إن بعض الناس مش قادرين يتخيلوها.

: المرأة… قوتها اللي مش بنشوفها

رغم كل الألم، المرأة اللي واجهت العنف عندها قوة مش موجودة عند حد:

قوة إنها تكمل.

قوة إنها تحافظ على أولادها.

قوة إنها تعيد بناء نفسها من أول وجديد.

قوة إنها تقول لنفسها:
“أنا استحق حياة أحسن.”

العنف ممكن يهزّها… لكن مش بيمسح نورها.

في النهاية احب اقول لكل امراة: العنف لحظة… لكن الشفاء رحلة
المرأة اللي بتواجه العنف بتخوض حرب مزدوجة، ومع ذلك بتطلع واقفة.
المجتمع لازم يتعلم يسمع بدل ما يحكم… يدعم بدل ما يلوم… يوقف جنبها بدل ما يكسّرها بكلماته.
وهي… عليها إنها تفتكر دايمًا:
“كرامتي مش رفاهية… كرامتي حقي.”



موضوعات مشابهه