مستقبل التعليم بين المعرفة النظرية والتدريب العملي

السبت ٢١ - يونيو - ٢٠٢٥
بقلم : نيفين ياقوت
منذ عقود، ركزت معظم أنظمة التعليم في العالم العربي على التحصيل الورقي والدرجات، واعتبرت الشهادة هدفًا بحد ذاته، لا وسيلة للمعرفة والتطور. فكان الطالب يحفظ ليجتاز الاختبار، ثم ينسى ما حفظه بمجرد انتهاء العام الدراسي. هذا النمط من التعليم أنتج أجيالًا متعلمة على الورق، لكنها تفتقر إلى أدوات حل المشكلات، واتخاذ القرار، والإبداع، وهي المهارات التي يتطلبها سوق العمل المعاصر في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، ويُعاد فيه تعريف مفاهيم المعرفة والمهارة يومًا بعد يوم .
لقد أدركت تلك الأنظمة العربية أخيراً أنه لم يعد كافيًا أن نحصر التعليم داخل دفاتر وكتب ومناهج نظرية وأن الإكتفاء بالتعليم الورقي – مهما كانت جودته – لا يضمن التقدم الحقيقي، بل قد يصبح عبئًا إذا لم يقترن بالتطبيق العملي، والتفكير النقدي، والمهارات الحياتية.
ولقد تسبب هذا الإدراك البطئ في تأخر مسيرة التقدم والتنافس مع السباق العالمي المذهل .
فالتقدم الحقيقي لا يصنعه من يعرف القوانين العلمية فقط، بل من يستطع استخدامها لحل مشكلات واقعية. ولا يتحقق بمجرد دراسة مبادئ الإدارة أو الاقتصاد، بل عندما يُتاح للطلاب أن يشاركوا في مشاريع، ويديروا أفكارًا ناشئة، ويخطئوا ويتعلموا من أخطائهم. فالتجربة هي المعلم الأصدق، والتطبيق هو المعيار الأول لفهم أي علم.
كما أن التقدم لا يعني فقط الابتكار التكنولوجي أو الصناعي، بل يبدأ من الإنسان نفسه: كيف يفكر؟ كيف يتفاعل مع مجتمعه؟ كيف يتعامل مع التحديات؟ وهذه الأمور لا تُدرّس على الورق، بل تُكتسب من خلال بيئات تعليمية تفاعلية، مفتوحة على الواقع، ومتصلة بالعالم.
ولذلك، فإن مستقبل التعليم يجب أن يكون مزيجًا متوازنًا بين المعرفة النظرية والتدريب العملي. يجب أن نُعيد تصميم المدارس والجامعات لتصبح مختبرات للحياة، لا مجرد قاعات لتلقين المعلومات. يجب أن نُعلّم أبناءنا كيف يتعلمون، لا فقط ماذا يتعلمون.
إن هذا المفهوم ليس متاحاً في المدارس الحكومية المصريه بسبب نقص الموارد من توفير المعامل والاجهزه التكنولوجيه و توفير المعلمين كما أن المناهج لا تحقق الهدف المطلوب "التعليم المرتبط بالحياة"
والخلاصة فإن التعليم على الورق قد يمنحنا الشهادة، لكنه وحده لا يصنع الإنسان القادر على بناء الوطن، أو مواجهة المستقبل.