٠٠ العلاقة بين العقل والجسد (الفسيجسمية)٠٠
الثلاثاء ٢١ - أكتوبر - ٢٠٢٥
من زمان جدًا والناس بتسأل: هل العقل هو اللي يتحكم في الجسد؟ ولا الجسد هو اللي يأثر على العقل؟ الحقيقة إن العلاقة بين الاتنين مش مجرد تحكم أو تأثير من طرف واحد، لكنها حلقة متصلة ومتبادلة، كل جزء فيهم بيكمل التاني. وده اللي بنسميه في علم النفس الحديث الفسيجسمية، أو العلاقة الفسيولوجية النفسية بين الجسد والعقل.
٠٠٠٠ العقل والجسد مش منفصلين
كتير بنفكر إن العقل حاجة “داخلية” والجسد حاجة “خارجية”، لكن الحقيقة إن الاتنين وجهين لعملة واحدة.
لما الإنسان يكون قلقان أو مضغوط، بنلاحظ إن جسمه بيتأثر فورًا:
القلب يدق بسرعة
النفس يبقى ضيق
اليدين تعرق
العضلات تتشنج
وده معناه إن الأفكار والمشاعر بتتحول فورًا لإشارات فسيولوجية في الجسم.
وفي المقابل، لو الجسم تعبان أو جوعان أو محروم من النوم، هتلاقي المزاج والعقل بيتغيروا كمان — يبقى الشخص عصبي أو مش قادر يركز أو حزين بدون سبب واضح.
٠٠٠٠ الجسد مرآة المشاعر
في علم النفس بيقولوا "الجسد بيتكلم لما العقل يسكت".
يعني أوقات لما الإنسان يكتم حزنه أو غضبه أو قلقه، الجسد هو اللي بيبدأ “يصرّح” بدل عنه.
فتلاقي وجعه في المعدة، صداع مستمر، أو تعب بدون مرض حقيقي.
اللي بيحصل هنا إن المشاعر المكبوتة بتتحول لطاقة ضغط على أجهزة الجسم، وده سبب بنسميه أحيانًا الأمراض النفسجسمية، يعني أمراض سببها نفسي لكنها بتظهر في الجسد.
الجسد كطريق للشفاء النفسي
زي ما العقل ممكن يتعب الجسد، الجسد كمان يقدر يساعد العقل على الشفاء.
مثلًا:
المشي في الطبيعة بيريّح النفس
التنفس العميق بيهدي القلق
الرياضة بتفرز مواد كيميائية في المخ بتخلي الإنسان مبسوط
الأكل الصحي بيساعد المخ على التفكير بوضوح
والنوم الكافي بيصلح المزاج ويقلل التوتر
يعني الجسد مش بس ضحية للمشاعر، لكنه وسيلة للعلاج النفسي كمان.
٠٠٠٠٠ لغة التوازن
اللي بيفهم العلاقة دي بيقدر يعيش في توازن داخلي.
لما تزعل، بدل ما تكتم، اتكلم أو اكتب أو امشي شوية.
ولما تحس بتعب في جسمك، اسأل نفسك:
هل ده وجع عضوي؟
ولا ممكن يكون وجع نفسي لبس شكل جسدي؟
الوعي بالعلاقة دي بيخلينا نعامل نفسنا برفق، ونفهم إننا مش جسد بس ولا عقل بس، لكن كائن كامل، بيتنفس، بيحس، وبيفكر في انسجام واحد.
٠٠٠٠٠ أمثلة بسيطة من الحياة٠٠٠٠٠
الطالب اللي يخاف قبل الامتحان، يحس بمغص أو صداع.
الأم اللي تقلق على ابنها، تحس بخفقان أو تعب مفاجئ.
الشخص اللي يفرح بخبر حلو، تلاقي وشه نور وضحكته طلعت من القلب.
كل دي دلائل على إن العقل والجسد في حوار دائم، كل إحساس له أثر، وكل حركة في الجسد لها رسالة.
٠٠٠٠٠٠ خلاصة الفسيجسمية
العلاقة بين العقل والجسد مش لغز ولا فكرة نظرية، دي حقيقة بنعيشها كل يوم.
العقل يوجه الجسد، والجسد يرد بالعواطف والإحساس.
ولو عرف الإنسان يسمع الإشارات اللي جواه، هيقدر يحمي نفسه من التعب، ويفهم معنى السلام الداخلي.
٠٠٠٠٠٠ كلمة أخيرة
احترم جسدك... واهتم بعقلك.
كل وجع، كل ضيق، كل توتر ليه رسالة.
ولو تعلمنا نسمع الرسائل دي، هنعيش حياة أهدأ، وأقرب لفهم ذاتنا الحقيقية.
فالعقل والجسد مش ضد بعض… هما شركاء في رحلة واحدة اسمها “الحياة”.
بقلم: دكتورة داليا خليل
اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان


