الإثنين ١٧ - نوفمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
10:38:31am

إزاي أنمّي الثقة في نفس الأطفال؟

الأحد ١٦ - نوفمبر - ٢٠٢٥

بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان

حكاية بناء طفل واقف على رجليه من بدري**

الثقة في النفس مش رفاهية للطفل، ولا هي ميزة بتظهر فجأة لما يكبر…
الثقة في النفس زرعة صغيرة، وكل كلمة بنقولها، وكل نظرة دعم، وكل فرصة بنفتحها للطفل… بتكبّر الزرعة دي لحد ما تبقى شجرة ثبات وجرأة وشخصية واعية.

في المقال ده هنتكلم عن الثقة في النفس عند الأطفال بشكل بسيط جدًا، من غير مصطلحات كبيرة، وبأسلوب جديد يوصّل المعنى من غير تعقيد.


---

أولًا: فكرة الثقة عند الطفل… بتبدأ منين؟

الطفل ما بيتولدش واثق أو خايف…
هو بيتعلم من طريقة اللي حواليه بيتعاملوا معاه.

لما يسمع: “جرب… أنا معاك”
بيحس بالأمان.

لما يسمع: “خليك ورايا بس… متعملش حاجة لوحدك”
بيحس إن العالم أكبر منه بكتير.


الثقة بتبدأ من إحساسه إن رأيه ليه قيمة، وإن غلطه مش نهاية الدنيا، وإنه مسموح له يحاول من غير ما يتحاسب على كل تفصيلة.


---

ثانيًا: كلمة السر… مساحة المحاولة

أكتر حاجة بتبني ثقة الطفل إنك تدي له فرصة يجرب، حتى لو المحاولة بسيطة جدًا.

يربط شرابه

يحط لعبه في مكانها

يختار هدومه

يقرر ياكل إيه

يرسم حاجة بطريقته


كل محاولة صغيرة بتعمل جوا دماغه صوت بيقول:
“أنا قادر… أنا ينفع… أنا أقدر أعمل ده لوحدي.”

وكل ما الصوت ده يعلى… الثقة بتعلى معاه.


---

ثالثًا: شجّع المجهود… مش النتيجة

الطفل اللي بيتشجّع بس لما يعمل حاجة “صح” بيتكون عنده فكرة خطيرة:
“يا أصيب يا أفشل.”

لكن الطفل اللي بيسمع:

“عجبني إنك حاولت”

“خطوة جميلة منك”

“كنت شجاع لما بدأت”


ده بيتعلم إن النجاح رحلة… مش خطوة واحدة.

التشجيع على المجهود بيحرر الطفل من الخوف… وده سر كبير جدًا في بناء الثقة.


---

رابعًا: خلي صوتك دايمًا أحنّ من خوفه

الطفل لما يغلط… بيخاف.
مش من الغلط… من ردّ الفعل.

لو الأم أو الأب صوته عالي، أو كلماته فيها لوم، أو مقارنة، الطفل بيخزّن جواه رسالة:
“أنا مش كفاية.”

لكن لما يسمع:

“ولا يهمك… الغلط بيعلّمنا.”

“تعالى نفكر نصلحها إزاي.”


ساعتها بيشوف الغلط باب… مش سجن.

والفرق هنا هو اللي بيصنع الثقة أو بيهدمها.


---

خامسًا: التقدير مش رفاهية… هو وقود الثقة

التقدير مش لازم يكون هدية ولا فلوس…
أوقات كلمة واحدة بتغيّر حياة طفل.

“أنا فخورة بيك.”

“أنت كبير وعارف تعملها.”

“شغلك جميل.”


الكلمات دي بتخلّي الطفل يحس إنه مرئي… وإن وجوده مهم… وإن اللي بيعمله مش عادي ولا متاخد كأنه واجب.

التقدير اليومي يبني داخله شعور إنه “قادر”، والشعور ده هو أصل الثقة.


---

سادسًا: قلّل المقارنة ولو هزار

المقارنة واحدة من أسرع الطرق اللي تهدم ثقة الطفل في نفسه.

حتى لما بنقولها بهزار:

“شوف ابن خالتك أذكى”…

“صاحبتك أشطر.”


الكلام ده بيعمل شَرْخ صغير في قلب الطفل…
وكل شَرْخ منهم بيقلل إحساسه بقيمته.

بدل المقارنة… قولي له:
“أنا شايفة تطورك… مش مهم تكون زي حد.”

ودي جملة بتبني جواه أرض ثابتة يقف عليها.


---

سابعًا: علّم الطفل يحكي عن نفسه

الطفل اللي بيعرف يعبّر عن مشاعره ورغباته وأفكاره…
ده طفل واثق.

اسأليه دايمًا:

“إنت حاسس بإيه؟”

“رأيك إيه؟”

“تحب نعمل إيه؟”


لما الطفل يتعود يكون ليه صوت…
مش هيسمح لحد يلغيه… ولا يقلل منه.


---

ثامنًا: خليه ياخد قرارات صغيرة كل يوم

قرارات بسيطة جدًا… لكن تأثيرها ضخم:

تختار فطاره

يقرر يلبس إيه

يختار كتاب يقرأه

يختار رياضة يحب يجربها


القرارات الصغيرة بتدي عقله إحساس إنه صاحب حياة…
وإن رأيه مهم…
وده واحد من أهم جذور الثقة في النفس.


---

تاسعًا: قدّمله نموذج حقيقي

الطفل بيقلّد قبل ما يتعلم.

لو شافك بتجربي…
بتغلطى…
وبترجعي تكمّلي…
هيتعلم إن الحياة مش سباق كمال…
لكنها تجارب ومحاولات.

قولي له بصوت مسموع:

“أنا خفت بس جربت.”

“غلطت واتعلمت.”

“المرة الجاية هعملها أحسن.”


هنا الطفل بيشوف الثقة… قبل ما يسمعها.


---

عاشرًا: علّميه يحمي حدوده من غير خوف

الثقة مش بس إنه يكون شجاع…
الثقة إنه يعرف يقول “لأ” لما يتضايق.

علمينه من بدري:

يقول “أنا مش مرتاح.”

يرفض اللي يضايقه.

يحكي لما حد يلمسه غلط.

يبعد عن أي موقف يشعر فيه بالخطر.


الطفل اللي بيحس إن جسده ومشاعره ليهم قيمة…
ده طفل ثقة نفسه عالية ومش سهل حد يكسره.

في النهاية… الثقة رحلة مش صفحة واحدة

بناء الثقة في نفس الطفل مش محتاج مثالية…
محتاج بس:
محاولة… صبر… وتواجد حقيقي.

الطفل اللي بيتربى وسط دعم… وتشجيع… وحدود واضحة… ومساحة للتجربة…
بيطلع يعرف قيمته…
ويعرف يحط رجله في الدنيا بثبات…
ومش بيخاف من بكرة.

ولو افتكرتِ حاجة واحدة بس من المقال ده…
افتكري الجملة دي:
“كل محاولة صغيرة… بتبني طفل كبير.”



موضوعات مشابهه