الخميس ١١ - سبتمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
07:45:04pm

بالأبيض والأسود.. لحظات عابرة فى حياة نساء عانين من العنف.. المصورة الإيطالية سينزيا كاتتيرى

الثلاثاء ١١ - مارس - ٢٠٢٥

وسط عشرات المعارض المصورة فى مهرجان إكسبوجر الدولى للتصوير فى دورته الـ9، استوقفنى معرض

بالأبيض والأسود يروى بصمت قصصًا لا تحكى، وجوه لنساء تحمل نظراتهن صرخات مكبوتة وألمًا لا يحتاج

إلى كلمات ليُفهم، كل صورة كانت نافذة إلى عالم من المعاناة والضغوط النفسية والاجتماعية

لكنها فى الوقت ذاته تحكى عن قوة مذهلة وصمود أمام مواجهة الحياة

 

لم تكن قصص النساء الموجودة فى الصور مجرد لقطات عابرة، فكل صورة كانت كفيلة لتهز مشاعرى

لكن هذا دفعنى لمشاهدة كل الصور، بحثًا عن الحكايات التى تخبئها ومع تصاعد فضولى

وجدت نفسى أمام صاحبة هذه العدسة الجريئة، المصورة الإيطالية سينزيا كاتتيرى

فكان لا بد من محاورتها لفهم أعمق لرسائلها التى تصل إلى القلب قبل العين

 

كيف بدأت رحلتك فى توثيق العنف ضد النساء فى أفريقيا؟ وما الذى دفعك للتركيز على هذه القضية؟

نبع دافعى من عدة عوامل، أولًا وقبل كل شىء، أنا امرأة، وقضايا النوع الاجتماعى تهمنى بشكل خاص، أؤمن بأن

العنف القائم على النوع الاجتماعى هو ظاهرة واسعة الانتشار وموجودة فى كل مكان، وإن اختلفت أشكالها تبعًا لمستوى

حماية حقوق الإنسان فى كل بلد، وهو ما يؤثر بشكل أكثر حدة على الدول النامية، حيث تكون آليات الحماية أضعف

ومع ذلك، من الضرورى أيضًا الاعتراف بمسؤولية الدول الغربية فى إعاقة تقدم هذه المناطق، وبصفتى غربية أشعر

بأن من واجبى تسليط الضوء على ما يحدث فى سياقات، مثل تلك الموجودة فى أفريقيا

حتى يتمكن الغرب من مناقشته، وتحديد المسؤوليات، واستكشاف سبل جديدة للتعاون

 

جانب آخر أساسى دفعنى لتوثيق هذه القضية، فكنت ولا أزال طفلة عندما رأيت صورة للصحفى الإيطالى

إندرو مونتانيللى، الذى اشترى خلال الفترة الاستعمارية الإيطالية فى إريتريا فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا

تدعى ديستا مقابل حصان وبندقية، فى تلك اللحظة أدركت حقيقة العنف القائم على النوع الاجتماعى

ومنذ ذلك الحين أصبح سرد هذه القصص ضرورة سياسية واجتماعية وإنسانية بالنسبة لى

 

ما التحديات الرئيسية التى واجهتك أثناء التصوير؟

لقد قمت بالتصوير فى إريتريا وإثيوبيا والسودان، خاصة فى المناطق الحدودية، فى كل من هذه البلدان

واجهت مخاطر لأن عملى يدين الظروف التى تُفرض على النساء هناك، حاولت اتخاذ أكبر قدر ممكن من

الاحتياطات، لكن الخطر كان دائمًا مرتبطًا بطبيعة عملى، وبالصور التى التقطتها، وبالرسائل التى تحملها

 

كيف بنيت الثقة مع النساء اللواتى تعرضن للعنف؟ وكيف شعرن بمشاركة قصصهن معك؟

أنا جزء من الشتات الإريترى والتغرينى، واليوم أنا على ارتباط وثيق بمجتمعهن وقد كسبت ثقتهن على

مر السنين، كل صورة ألتقطها هى نتاج علاقة مبنية على تجارب مشتركة واحترام عميق لمن تروى لى قصتها

فى إحدى المرات، سألت امرأة تعرضت للعنف الجنسى عن سبب مشاركتها لقصتها معى

رغم أنها لم تكن تعرفنى شخصيًا، فأجابت: «حتى أكسر الصمت»

 

-فى كثير من الأحيان، أخفى هوية النساء اللواتى أصورهن، ومع ذلك، فإن معاناتهن وفى الوقت نفسه قوتهن

تظل واضحة، يمكن لنظرة أو عناق أو وضعية جسد، أو بيئة معينة أن تحكى قصة الشخص فى الواقع أعتقد

أن ما نخفيه غالبًا هو أكثر ما يظهر وينتبه إلى الناس

 

كيف تعكس الصور التى التقطها الواقع القاسى الذى تواجهه النساء؟

وما الرسالة التى تأملين أن إيصالها إلى العالم من خلال هذه الصور؟

لقد التقطت الصور لحياة هؤلاء النساء فى لحظات مختلفة، حيث لم يمح الألم قوتهن وقدرتهن على إيجاد أشكال جديدة

من المقاومة، لقد وثقت الألم والجروح التى خلفها العنف على أجسادهن، والمعاناة العميقة التى تعرضن لها

ولكننى سلطت الضوء أيضًا على قوة النساء فى إعادة بناء حياتهن

 

هل تعتقدين أن هناك خوفًا ثقافيًا أو اجتماعيًا يمنع مناقشة العنف ضد النساء؟ وكيف تعاملتِ مع هذا الأمر؟

بالطبع، هناك وصمة عار تحيط بالنساء اللواتى تعرضن للعنف، ولهذا السبب قمت بحمايتهن من خلال إخفاء هويتهن

ولكننى تحدثت عن المشكلة على المستوى الاجتماعي، واليوم، أراجع عملى مع النساء فى هذه المناطق

حتى يكون لمشروعى رؤية مشتركة وسرد موحد

 

كيف يؤثر العنف على حياة النساء خاصة من حيث الصحة النفسية؟

كل واحدة منهن تعرضت لمعاناة نفسية واجتماعية هائلة، لكن المجتمع النسائى الذى تكون أصبح داعمًا

رئيسيًا لهن، النساء يساعدن بعضهن البعض نفسيًا واجتماعيًا، وبرأيى، هن يرسمن آفاقًا جديدة للمقاومة والتغيير

 

ما أكثر أنواع العنف شيوعًا التى لاحظتيها؟ وكيف تتعامل المجتمعات المحلية معها؟

العنف متفشى، ويشمل العنف الجسدى والاجتماعى والاقتصادى والنفسى لكن، النساء بدأن فى

اكتساب قوة جديدة لمواجهة هذه الانتهاكات


هل تعتقدين أن التصوير الفوتوغرافى يمكنه المساهمة فى تحقيق تغيير اجتماعى أو قانونى لمواجهة العنف ؟

الصورة هى شهادة قوية لأنها تؤثر على مستويات مختلفة، فهى تتغلغل بداخلنا حتى تصبح جزء منا، أنا أؤمن جدًا

بقوة الصور حتى بالمقارنة مع الكلمات

 

كيف يمكن للمجتمع الدولى دعم النساء اللواتى وثقن وشاركن قصصهن؟

يجب دعم المنظمات المحلية، ومنحها الوسائل والفرصة للتحرك، فهم يعرفون كيف يتعاملون مع الوضع

وهذه نقطة أساسية يجب التأكيد عليها، لأن المساعدات الدولية غالبًا ما تتحرك بعقلية استعمارية

مما يؤدى إلى خلق مشاكل بدلاً من تقديم الحلول

 

ما خططك المستقبلية لمواصلة توثيق هذه القضية؟

بدأت العمل على هذه القضايا منذ عام 2017، وسأواصل متابعة التطورات الجديدة، لكن منذ هذا العام

أصبح عملى أكثر تركيزًا على خلق حراك سياسى، سواء فى الغرب أو فى البلدان التى عملت بها

كما أحاول إنشاء مجموعة نسائية تحمل اسم نظرات متقاطعة «Cross Looks»

تضم نساء من جنسيات مختلفة، للعمل معًا على تنفيذ مبادرات مشتركة



موضوعات مشابهه