صناعة العباقره تبدأ من الأم

الثلاثاء ١٠ - يونيو - ٢٠٢٥
بقلم: نيفين ياقوت
سأروي لكم قصة حقيقية لإمرأه عاشت في أوائل القرن التاسع عشر ظلمتها الظروف وهزمتها الحياه ولكنها صمدت و تصدت للهزيمه وحولتها إلى نصر وأنقذت نفسها وإبنها . هي رائدة قويه أثبتت للعالم كله أن الفقر ليس فقر المال بل فقر الإرادة والعزيمة وأن البطوله الحقيقة تكمن في ترويض النفس ومواجهة الظروف الشرسه وتطويعها لخدمتها وتحويل الواقع من الحضيض إلى القمه .
قصة مبروكه الفلاحة المصرية البسيطة كانت من إحدى قُرى محافظة كفر الشيخ .
تزوجت مبروكه من أحد الفلاحين وكان يعمل أجيرا باليوميه وبسبب ضيق الحال تخلى عنها وطلقها رغم أنها كانت حامل فى الشهور الأخيره .
انتقلت مبروكة مع والدتها وأخوها إلى الإسكندرية وأنجبت إبنها وأسمته "علي" وقررت أن تفعل كل ما بوسعها لتربيته وتعليمه على أحسن وجه .
رغم كان عندها مائة سبب وسبب لتندب حظها و تحقد على الرجال وتصب غضبها على إبنها وتستغله وتجعله يعمل بالأجره ليساعدها .
لكنها قررت أن تعمل لتنفق على ابنها فعملت بائعة جبن فى شوارع الإسكندرية وأدخلت ابنها (عليًّ) مدرسة رأس التين الأميرية وبعد أن حصل على الإبتدائية جاء والده يأخذه ليوظفه بالشهادة الإبتدائية .
لكن مبروكة كان حلمها أكبر بكثير فقامت بتهريبه من سطح بيتها إلى سطح البيت المجاور وهربت به إلى القاهرة وأدخلته المدرسه الخديويه فى درب الجماميز وعملت لدى أسرة السمالوطي لتستطيع أن تنفق على تعليمه .
تفوق عليٌّ فى دراسته ، واستطاع دخول مدرسة الطب عام 1897 وتخرج فيها عام 1901 وعمل طبيباً جراحا وتميز في عمله وذاع صيته
هو الدكتور علي إبراهيم .
وبعد 15 عام مرض السلطان حسين كامل واحتار الأطباء فى مرضه حتى اقترح عالم البيولوچى الدكتور عثمان غالب على السلطان إسم الدكتور علي إبراهيم فاستطاع علاجه وأجرى له جراحة خطيره و ناجحه فعينه السلطان جراحًا استشاريًّا للحضرة العلية السلطانية وطبيبًا خاصًّا للسلطان ومنحه رتبة البكاويه
ومنحه الملك فؤاد الأول رتبة الباشاوية .
وبعد عدة أعوام تم انتخاب الدكتور علي باشا إبراهيم أول عميد مصري لكلية الطب بجامعة فؤاد الأول ثم أصبح بعدها رئيساً للجامعة .
و فى عام 1940 تم تعيينه وزيرًا للصحة وفى نفس العام أسس علي باشا إبراهيم نقابة الأطباء وأصبح نقيب الأطباء الأول فى تاريخها وأصبح أيضا عضوا فى البرلمان المصرى .
هذا هو علي إبراهيم إبن مبروكه الفلاحة الأُمّية المُطلقة ، المرأة الحديدية التي لم تركن لليأس ولم تستسلم للهزيمة .
فلا تستسلمي أيتها المرأة المظلومه التي تعيش ظروفاً مشابهه لما عاشتها مبروكه لكنها بفطرتها السليمه ورجاحة عقلها رغم أميتها نجحت في قهر الظلم وصناعة المعجزات .