الخميس ٢٥ - ديسمبر - ٢٠٢٥ القاهرة
06:04:35am

في بيتنا مراهق… كيف نفهمه ونتعامل مع عالمه الجديد؟

الأحد ١٤ - ديسمبر - ٢٠٢٥

بقلم: دكتورة داليا خليل اخصائي نفسي دكتوراه صحة نفسية وعلاج الإدمان
وجود مراهق في البيت يشبه دخول فصل جديد في حياة الأسرة كلها، فصل فيه ضحك وصخب وقلق ودهشة، وفيه مشاعر تتغير أسرع من الطقس، وأفكار تتبدل كأنها سباق. المراهق ليس طفلًا صغيرًا كما كان، ولا بالغًا كاملًا كما يتمنى. هو في مساحة رمادية مربكة… ولذلك يحتاج من أهله فهمًا أكثر مما يحتاج أوامر.

هنحاول نمشي خطوة بخطوة لفهم المراهق، وقراءة لغته، والتعامل مع التغيرات اللي بيمر بيها من غير صدامات تكسر العلاقة، ولا تسيب البيت كله في حالة توتر.

*** المراهقة مش “مشاكل”… المراهقة مرحلة بناء

أغلب الأسر أول ما يوصل ابنها أو بنتها لسن المراهقة، بتبدأ تشوف كل سلوك غريب على إنه مشكلة: الصوت العالي، العناد، الانعزال، العصبية، سرعة الغضب، وحتى الضحك الكتير.
لكن الحقيقة إن المراهقة مرحلة إعادة تشكيل:

العقل بينمو بسرعة وبيبدأ يسأل “أنا مين؟”

الشخصية بتتشكل وبيجرب أدوار مختلفة

الهرمونات بتتغير وبتأثر على المزاج

الرغبة في الحرية بتعلى
وكل ده طبيعي… ومؤقت.

المراهق مش بيتمرد عشان يتعب أهله، هو بيحاول يفهم نفسه.

*** لغة المراهق… كلام قليل ومعنى كبير
المراهق أوقات يحب الانعزال، وده يخوّف الأهل. لكن الانعزال هنا مش هروب… هو ترتيب.
هو بيقفل الباب عشان يشعر إن ليه مساحة، مش عشان يخبي سر خطير.

ولغة المراهق مش دايمًا واضحة:

لما يقول "سيبوني في حالي" ممكن يكون قصده “أنا مضغوط ومش عارف أشرح”.

ولما يقول "أصحابي فاهمني أكتر" مش معناها إنكم وحشين… معناها إنه محتاج حد يسمعه من غير حكم.

ولما يرد بجملة قصيرة فده مش قلة احترام… هو بس مش جاهز للكلام.

الأسرة اللي تفهم اللغة دي بتوفر على نفسها 70% من الخناق.

*** الحرية… والمسموح والمرفوض

المراهق محتاج حرية، لكن مش حرية مطلقة. محتاج باب مفتوح… بس بإطار.
المشكلة إن بعض الأهل يا إما يسيبوا الحبل على الغارب، أو يشدّوه للآخر.

والحل؟
حرية محسوبة:

1. اختيار الملابس: سيبيه يختار، ووجهيه بلطف.

2. تنظيم وقته: اسمحي له يحط جدول بنفسه… ولو غلط يتعلم من النتيجة.

3. الأصدقاء: بدل المنع المطلق… افتحي البيت لصحابه.

4. الهاتف والإنترنت: تفاهم مش مراقبة تجسس.

الحرية المنضبطة بتخلّي المراهق يحترم الحدود بدل ما يعاندها.

*** الحوار… الدواء السحري لكل بيت

المراهق اللي مش لاقي حد يسمعه، بيدوّر على حد تاني يسمعه، ويمكن يلاقيه في مكان غلط.
الحوار مش بس كلام… الحوار إنك:

تسمعي للآخر.

ما تقطعيش كلامه.

ما تسخفيش مشاعره.

ما ترديش بأسلوب “وأنا قدّك كنت بعمل…”

تضيفي رأيك من غير إهانة ولا مقارنة.

ولو قال حاجة غلط، ما تعلّقي على شخصه… علّقي على الفكرة بس.
قوليله: "أنا شايفة رأيك محتاج تفكير تاني… تعال نفكر سوا."

***التغيرات الانفعالية… وطريقة تهدئة العاصفة

العصبية جزء من المرحلة، لكن مش لازم تسيطر على البيت.
افهمي أولًا أسباب الانفعال:

ضغط المدرسة

مقارنة نفسه بغيره

خوف من المستقبل

حب أول مرة

عدم ثقة بالنفس

تغيرات جسمانية ونفسية

وإنتِ دورك هنا:

ما تعلّيش صوتك.

لو غضبان… سيبيه يهدأ.

ما تدفعيش بقوة وقت العصبية.

قدّمي طرق تهدئة بسيطة: موسيقى هادية، رياضة، خروج، تغيير جو.

المراهق محتاج أم تهديه… مش أم تزيد النار.

** المسؤولية… مش واجب، بل تدريب للحياة

المراهق محتاج يحس إنه جزء مهم من البيت.
اعملي معاه قواعد فيها مسؤوليات حقيقية:

يشيل جزء من مصروفه.

يرتب غرفته.

يساعد في أمور بسيطة.

يشارك في القرار لو الموضوع يخصه.

إحساس “أنا مهم” بيبني عنده ثقة عمرها طويل.

*** الهوية… ودور الأسرة في تشكيلها
المراهق بيدوّر على “نسخته الأصلية”… مش نسخة من الأب أو الأم.
ساعديه يكتشف نفسه:

رياضة

هوايات

قراءة

نشاطات اجتماعية

تجارب جديدة
سيبيه يجرّب… حتى لو مش كل التجارب هتنجح. الفشل مرحلة من مراحل النمو.

***الخطأ… مش نهاية العالم

أكتر حاجة بتخلي المراهق يخاف من أهله هي الخوف من العقاب.
لو غلط، افتحي باب الاعتراف بلا خوف.
قولي له:
**"غلطك مش هيقلل منك… اللي يغير قيم



موضوعات مشابهه