مهن الانتخابات تودّع الساحة.. الذكاء الاصطناعي يرسم ويهتف ويغني بدل البشر.. من الهتيف إلى الخطاط والرسام
الجمعة ٣١ - أكتوبر - ٢٠٢٥
مع كل موسم انتخابي، كانت الشوارع تنبض بالحياة وتتحول إلى لوحة فنية تمزج بين الهتافات والألوان
والأغاني الشعبية التي تُخلّد أسماء المرشحين، إلا أن مشهد الانتخابات تغيّر تمامًا في السنوات الأخيرة
ومع التطور التكنولوجي السريع وظهور أدوات الذكاء الاصطناعي، اختفت تدريجيًا مهن عديدة كانت
ترتبط بشكل وثيق بالدعاية الانتخابية، بعدما أصبحت التكنولوجيا الحديثة تؤدي الأدوار نفسها
بسهولة ودقة وسرعة تفوق الجهود البشرية
من أبرز تلك المهن التي غابت عن المشهد، مهنة الرسام الذي كان يرسم صور المرشحين يدويًا على
الجدران أو القماش، مستخدمًا ألوانه وفرشاته في تقديم لوحة انتخابية تجذب أنظار الناخبين، كان
هذا المشهد حاضرًا بقوة في القرى والمناطق الشعبية، حيث ينتظر الناس اكتمال الرسم وكأنه حدث
فني يسبق يوم التصويت، لكن اليوم، بات الذكاء الاصطناعي قادراً على إنتاج صور وتصاميم احترافية
للمرشحين خلال دقائق معدودة، بجودة تفوق ما كانت تنتجه يد الفنان
أما مهنة الخطاط، التي كانت من العلامات المميزة للحملات الانتخابية، فقد لحقت بالمصير نفسه، فبعد
أن كان الخطاط يكتب أسماء المرشحين وشعاراتهم على اليافطات القماش بخطوطه الجميلة
وألوانه الزاهية، جاءت ماكينات الطباعة وبرامج التصميم لتختصر هذه العملية بضغطة زر، ولم تعد
الكتابة اليدوية تجد مكانًا في مشهد الدعاية الحديث الذي تحكمه السرعة والدقة البصرية
حتى مهنة مؤلف الأغاني الانتخابية لم تسلم من التغيير، كانت الأغاني الشعبية التي تحمل أسماء
المرشحين تُبث في السرادقات والمواكب الانتخابية وتُرددها الجماهير بحماس، لكنها اليوم أصبحت
تُصنع رقميًا بصوت الذكاء الاصطناعي وكلماته، لتنتشر على مواقع التواصل بسرعة البرق، وتصل إلى
جمهور أوسع دون الحاجة إلى استديو أو فرقة موسيقية.
وغاب كذلك "الهتيف"، الذي كان يقف في السرادقات يهتف باسم المرشح، مشعلًا الحماس في الحضور
حلت مكانه اليوم تسجيلات رقمية معدة مسبقًا بأصوات مصطنعة تؤدي الهتافات نفسها
بإيقاعات إلكترونية محسوبة
لقد غيّر الذكاء الاصطناعي ملامح الدعاية الانتخابية، فاستبدل الصوت البشري بالنغمة الرقمية
والفرشاة بالشاشة، والكلمة المكتوبة بالتصميم الآلي، ومع كل هذا التحديث، تبقى ذكرى تلك المهن
شاهدًا على زمن كان فيه الإنسان محور الحملة، قبل أن تنتقل الشعارات والأغاني والهتافات
إلى عالم التكنولوجيا السريع
رسامو الانتخابات.. مهنة اختفت تحت ألوان الذكاء الاصطناعي
مع كل موسم انتخابي، تعود إلى الأذهان مشاهد كانت يومًا ما جزءًا أصيلًا من الحملات البرلمانية
في مصر، حين كانت الشوارع والحوائط تمتلئ برسومات المرشحين التي يبدعها الفنانون
بخطوطهم وألوانهم المميزة
كانت مهنة "الرسام الانتخابي" من أكثر المهن حضورًا في تلك الفترة، لكنها سرعان ما اندثرت مع
التطور التكنولوجي المتسارع، وظهور أدوات رقمية جديدة قادها الذكاء الاصطناعي
غيّرت شكل الدعاية الانتخابية بالكامل
يقول أحمد خليفة، مصمم جرافيك، إن الرسامين كانوا جزءًا من طقوس الانتخابات في القرى والنجوع
يلتفون حول جدران المنازل ومداخل القرى ليضعوا عليها صور المرشحين ورموزهم الانتخابية
بخط اليد وألوان الزيت أو الطلاء
ويضيف: زمان كان الرسام يرسم صورة المرشح على القماش، ثم يكررها على الحيطان في القرى والأحياء
وكان العمل يستغرق ساعات طويلة ودقة كبيرة، كانت الناس تتابع الرسام وهو يرسم
وكأنها تشاهد عرضًا فنيًا حيًا في قلب الشارع
ويتابع خليفة أن تلك الرسومات كانت تحمل طابعًا إنسانيًا وجماليًا خاصًا، إذ كانت تعكس أسلوب كل
فنان وطريقته في التعبير، كما كانت وسيلة فعّالة لتعريف الناس بالمرشح ورمزه الانتخابي، خاصة في
المناطق الريفية التي لم تكن تعرف وسائل الدعاية الحديثة
ويقول إن هذه المهنة بدأت تتراجع تدريجيًا مع ظهور برامج التصميم الإلكترونية والطباعة الحديثة، حتى
اختفت تقريبًا مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال الدعاية
ويرى خليفة أن الذكاء الاصطناعي غيّر مفهوم الإبداع في الحملات الانتخابية، فبعد أن كان العمل الفني
يصنع يدويًا بروح الفنان وإحساسه، أصبح يُنتج رقميًا بسرعة كبيرة، ما أفقد المشهد جزءًا
من دفئه الإنساني وبساطته القديمة
ورغم ذلك، تبقى رسومات الجداريات الانتخابية شاهدًا على حقبة جميلة من تاريخ الانتخابات في مصر
حين كان الفن والشارع يتناغمان في لوحة واحدة تنطق بالألوان والانتماء
أغاني الانتخابات .. مهنة اندثرت في زمن الذكاء الاصطناعي
في مواسم الانتخابات البرلمانية القديمة، كانت الشوارع والساحات تمتلئ بأصوات الأغاني الشعبية
التي تُغنّى خصيصًا للمرشحين، كانت تلك الأغاني تحمل أسماءهم ورموزهم الانتخابية، وأحيانًا تتغنى
بأسماء دوائرهم ومناطقهم، في محاولة لكسب قلوب الناخبين عبر اللحن والكلمة البسيطة القريبة
من الناس، اليوم، ومع التطور التكنولوجي السريع، اختفت هذه المهنة تمامًا، لتحل محلها أدوات
العصر الرقمي، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي
يقول الفنان الشعبي ناجح عمارة، وهو أحد من عاصروا هذه الظاهرة في فترات سابقة
قديماً، كانت الأغاني الانتخابية جزءًا أساسيًا من الدعاية، وكان المرشح لا يستغني عن مؤلف الأغاني
كانت تكتب كلمات تُمجّد المرشح وتُبرز مواقفه، ونربطها باسمه أو رمزه الانتخابي
ثم تُغنّى في السرادقات التي تُقام له أثناء الحملة
ويضيف عمارة أن تلك الأغاني كانت تُردَّد بحماس في الشوارع والقرى، حيث يتسابق أنصار المرشح
لتشغيلها عبر مكبرات الصوت في المؤتمرات والمواكب الانتخابية، كانت تمثل شكلًا من أشكال
المنافسة الفنية بين المرشحين، يميز كل واحد منهم بنغمة خاصة تعبر عنه وتعلق في أذهان الناخبين
من فرشاة القماش إلى شاشة الكمبيوتر.. نهاية زمن الخطاطين في الدعاية الانتخابية
ومن بين تلك المهن التي كانت تحظى بمكانة خاصة في الماضي، مهنة الخطاط الذي كان يتولى
كتابة اليافطات الانتخابية يدويًا على القماش أو الجدران، بخط جميل يحمل أسماء المرشحين
ورموزهم الانتخابية وشعاراتهم
يقول سامح عسكر، خطاط مارس المهنة منذ سنوات طويلة، إن الخطاط كان عنصرًا أساسيًا في
الحملات الانتخابية، إذ لم تكن الطباعة الحديثة ولا برامج التصميم قد ظهرت بعد
ويضيف: كنت أكتب أسماء المرشحين وشعاراتهم على القماش يدويًا، وكان هذا العمل يحتاج
إلى دقة وصبر، وكان الناس يقدّرون الخط الجميل لأنه يعكس شخصية المرشح وهيبته
في ذلك الوقت لم تكن البوسترات الورقية أو البنرات البلاستيكية منتشرة
وكان لكل خطاط بصمة خاصة تميّزه عن غيره
ويتابع عسكر أن تلك الأيام كانت تشهد منافسة بين الخطاطين على جودة الخط
وجمال الألوان، وأن بعض المرشحين كانوا يفضّلون خطاطًا بعينه لأن أسلوبه في الكتابة
يجذب الأنظار ويمنح اليافطة طابعًا مميزًا. لكنه يؤكد أن هذه المهنة بدأت تتراجع تدريجيًا
مع ظهور ماكينات الطباعة الحديثة وبرامج التصميم الجاهزة، التي جعلت من
السهل إنتاج آلاف اليفط خلال ساعات قليلة


