تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة

الثلاثاء ١٧ - يونيو - ٢٠٢٥
بقلم د. حسام الدين سامى
أمين التدريب والتثقيف بحزب العدل
في عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وغيّرت بلا شك طريقة تفاعلنا وتواصلنا، ليس فقط مع العالم الخارجي، بل ومع أفراد أسرنا أيضًا. بينما تقدم هذه الوسائل فرصًا للتواصل والبقاء على اطلاع، فإن تأثيرها على النسيج الأسري يحمل جوانب إيجابية وسلبية على حد سواء.
الجوانب الإيجابية
١-تعزيز التواصل عن بعد:
تُعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة رائعة للحفاظ على الروابط الأسرية، خاصة عندما يكون أفراد العائلة متباعدين جغرافيًا. فمن خلال مكالمات الفيديو والمحادثات الجماعية، يمكن للأسر البقاء على تواصل دائم، ومشاركة اللحظات الهامة، والشعور بالقرب على الرغم من المسافات.
٢ـ مشاركة الذكريات واللحظات:
توفر منصات مثل فيسبوك وإنستجرام مساحة لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو، مما يتيح للأسر توثيق ذكرياتهم المشتركة والاحتفال بالإنجازات معًا.
٣- بناء مجتمعات دعم:
يمكن للمجموعات الأسرية الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي أن تكون مساحة لدعم بعضهم البعض، وتقديم النصيحة، وتبادل الخبرات في الأوقات الصعبة أو السعيدة.
الجوانب السلبية
١- العزلة والتفكك الأسري:
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تربطنا بالعالم، إلا أنها قد تؤدي إلى عزلة داخل الأسرة نفسها. فبدلًا من قضاء وقت ممتع معًا، قد ينشغل كل فرد بجهازه الخاص، مما يقلل من التفاعل وجهًا لوجه ويؤثر على جودة العلاقات.
٢- المقارنات الاجتماعية وضغوط الحياة:
غالبًا ما يشارك الناس على وسائل التواصل الاجتماعي أفضل جوانب حياتهم، مما قد يؤدي إلى شعور أفراد الأسرة، وخاصة المراهقين، بالدونية أو عدم الرضا عن حياتهم الخاصة عند مقارنتها بما يرونه عبر الإنترنت.
٣- مشكلات الخصوصية والأمان:
يمثل النشر المفرط للمعلومات الشخصية والصور على وسائل التواصل الاجتماعي خطرًا على خصوصية الأسرة وأمانها، خاصة فيما يتعلق بالأطفال.
٤- التأثير على النمو الاجتماعي للأطفال:
الاعتماد المفرط على التواصل الافتراضي قد يعيق تنمية المهارات الاجتماعية الأساسية لدى الأطفال والمراهقين، مثل قراءة لغة الجسد، والتعبير عن المشاعر، وحل النزاعات في العالم الحقيقي.
٥- الإلهاء عن الأنشطة الأسرية:
يمكن للإشعارات المستمرة والرغبة في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أن تشتت انتباه أفراد الأسرة أثناء الأنشطة المشتركة مثل الوجبات العائلية أو الأمسيات الترفيهية، مما يقلل من قيمة هذه الأوقات.
كيف يمكن تحقيق التوازن؟
لتحقيق أقصى استفادة من وسائل التواصل الاجتماعي مع الحفاظ على ترابط الأسرة، من الضروري وضع حدود وقواعد واضحة. يمكن أن يشمل ذلك:
١- تحديد أوقات خالية من الشاشات:
تخصيص أوقات معينة في اليوم أو الأسبوع تكون فيها جميع الأجهزة الإلكترونية بعيدة، مثل أوقات الوجبات أو الأنشطة العائلية.
٢- تشجيع الأنشطة المشتركة:
التخطيط لأنشطة عائلية ممتعة وتشجيع المشاركة فيها لبناء ذكريات حقيقية وتعزيز الروابط.
٣- الحوار المفتوح:
التحدث مع أفراد الأسرة، وخاصة الأطفال والمراهقين، حول مخاطر وفوائد وسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية استخدامها بمسؤولية.
٤- كن قدوة حسنة:
يجب على الآباء أن يكونوا نموذجًا جيدًا في استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب الإفراط في استخدامها أمام أطفالهم.
في الختام، لا يمكن إنكار أن لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرًا عميقًا على الأسرة. من خلال الفهم الواعي لجوانبها المختلفة واتخاذ خطوات استباقية لإدارة استخدامها، يمكننا ضمان أن تظل هذه التقنيات أداة لتعزيز الروابط الأسرية بدلًا من أن تكون مصدرًا للتفكك.